أن تقول إن مدينة طنجة أصبحت مهملة، فهو قليل في حق اللا مسؤولية و الاستغلال و انعدام الرقابة الجادة و المواطنة التي تٌسير بهم هذه المدينة.
فلم يعد بإمكان أي مواطن أو أية مواطنة في جل الشوارع ، إبقاء زجاج سيارته مفتوحا، أمام المتربصين الذين يترصدونه عند الإشارات الحمراء، وأمام أبواب المتاجر، وأبواب الأسواق، وأمام المسجد، وفي الخلاء أحيانا.
بعضهم يمارس عمله في “التسول الاحترافي” طيلة النهار، ويمارس “استفزازاته” في النقطة نفسها يوميا بشارع محمد الخامس، حسب التوقيت المستمر، ويفوض المهمة لمن ينوب عنه في حالة غيابه، لكي لا يفقد المكان. أما آخرون، فيكتفون برمي أطفال صغار بين عجلات السيارات عن كل لحظة وقوف أمام مطعم ماكدونالد، لممارسة التحصيل فيما بعد.
لا يؤدون أي خدمة، ومع ذلك يجد بعض راكبي السيارات الذين لا يعلم بحالهم سوى الله، يجدون أنفسهم مجبرين على الأداء، وكل ذنبهم هو أنهم اختاروا توقيف عجلات السيارة، ولا يقف عدد المستفزين عند واحد أو إثنين بل العشرات (إن لم يكن أكثر بالنظر إلى حجم الظاهرة)؛ بل إن العملية تتكرر طيلة اليوم، ولا يميز “المتطفلون” بين المواطن الذي يقبل مساعدة أهل بلده في إطار الأخوة وبين السائح الذي يفترض “توقيره” حفاظا على صورة البلاد في الخارج.
ما معنى أن يتم بناء مركب تجاري أمام محطة التبجيفي، إذا كانت جحافل المتسولين ستحتل مدخله لتمنع الزوار من الدخول بكل أريحية لأروقته؟ ما معنى أن تجهز كورنيشاً ضخما، إذا كانت جحافل المتسولين و عشرات البغال والحمير ستنشر الرعب بين السياح، وتمنعهم من أخذ صور تذكارية قرب هذه الممتلكات العامة.
مثل اللعنة، يمكن للطنجاويين أن يقضوا يومهم في مواجهة جحافل المتسولين وأشباه المتسولين، وفي الأخير يجدون أنفسهم أمام شخصيات أخرى مستفزة ترتدي سترة صفراء أمام باب العمل أو في الشارع المؤدي للعمل أو أمام البيت، حيث تتم المطالبة بـ”رسوم الركن” بمجرد التفكير في تحريك العجلات، والويل لمن يرفض أداء مقابل هذه الخدمة الوهمية الإجبارية.
سواء تعلق بأصحاب السترات الصفراء أو المتسولين، وكلها أنواع من المهن المسيئة لعروس الشمال، فإن تطبيق القانون بات يفرض نفسه أكثر من أي وقت. كما أن المقاربة الاجتماعية لحماية هذا النوع من المواطنين تفرض نفسها بالتأكيد؛ ولكن تحمل المسؤولية يفرض نفسه بشكل أكبر .. من يدري فقد يكون من بين المسؤولين في طنجة من يريد تحويل المدينة كلها إلى محطة للتسول وحراسة السيارات.