يبدو أن الجزائر تعيش حالة استنفار قصوى كلما حلّ المشير خليفة حفتر ضيفا على قادة العالم، وكأن الرجل يحمل في حقيبته مخططات سرية لإعادة رسم خارطة المنطقة بممحاة جزائرية!
زيارة قائد الجيش الليبي إلى باريس واستقباله بحفاوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم تمر مرور الكرام في قصر المرادية، بل أشعلت موجة من القلق والتحليلات التي تكاد تُقسم أن الجزائر أصبحت على مشارف العزلة الدولية، وكأنها لم تكن هناك أصلا!
سعيد بنسديرة، الناشط السياسي الجزائري، خرج ليحذر من “الحصار” الذي قد تفرضه هذه الزيارة على بلاده، رغم أن الجزائر هي التي تحب فرض الحصار على نفسها بإرادتها الحرة، سواء بسياساتها الاقتصادية التي تجعل هروب المستثمرين رياضة وطنية، أو بتدخلاتها المتكررة في شؤون الدول المجاورة وكأنها تلعب دور الأخ الأكبر غير المرغوب فيه.
أما الحديث عن “العزلة الدولية”، فهو أقرب إلى نكتة سياسية، فكيف يمكن لدولة تتبنى خطابا عدائيا تجاه نصف الكوكب تقريبا، أن تتفاجأ حين تجد نفسها خارج دائرة التأثير؟ هل كان من المفترض أن تفرش باريس السجاد الأحمر للجنرالات الذين لا يعرفون من الدبلوماسية سوى لغة البيانات المتشنجة؟
بينما تتجه دول الجوار إلى بناء تحالفات اقتصادية وعسكرية تعزز استقرارها الإقليمي، لا تزال الجزائر تمارس لعبة القفز على الحبال، تحاول مساندة الميليشيات الانفصالية هنا، وتحشر أنفها في شؤون الآخرين هناك، ثم تستيقظ فجأة على وقع خبر زيارة حفتر لفرنسا وكأنها اكتشفت فجأة أن العالم لا يدور حولها!
على ما يبدو، فإن صناع القرار في الجزائر يعانون من متلازمة “الرعب الدبلوماسي”، فكلما اجتمع قادة العالم لمناقشة ملفات المنطقة، تجدهم في حالة تأهب قصوى، يخشون أن يتم تهميشهم أكثر مما هم مهمشون بالفعل! فمتى تدرك الجزائر أن العالم لن ينتظرها حتى تخرج من نفق عقدة المؤامرة؟!