في الجزائر، حيث يُعتبر التعبير عن الرأي نوعا من “المغامرة الخطيرة”، يجد النظام نفسه في حرب مستمرة مع حرية التعبير، وهذه المرة على جبهة جديدة؛ الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.
بعد توقيف هذا الكاتب في نونبر 2024 عند وصوله إلى مطار هواري بومدين، تنبثق قصة جديدة في مسلسل طويل من “حماية الأمن القومي” التي لا تكاد تنتهي؛ إلا أن هذه المرة، يبدو أن صنصال قد تجاوز الحدود المسموح بها بحديثه عن الأمور التي تزعج السلطة، ليُتّهم بـ”المساس بالأمن القومي”، وفق المادة 87 من قانون العقوبات الجزائري.
ما الذي يعنيه ذلك؟ ببساطة، أي كلمة تشكك في النظام تصبح تهديدا لإستقرار الدولة، حتى لو كانت مجرد عبارة عن رأي أدبي.
لا يخفى على أحد أن الجزائر قد أصبحت ساحة للفن والكتابة، حيث لا يوجد مكان للأفكار الحرة إلا إذا كانت تخدم الأجندة الرسمية.
صنصال، الذي اختار أن يعبر عن آرائه بطريقته الخاصة، يتعرض الآن لاتهامات تضعه في خانة “المخربين والإرهابيين”، كل كلمة تخرج من فمه، من منظور النظام، تصبح بمثابة قنبلة موقوتة تهدد وحدة البلاد، في وقت يبدو فيه أن النظام نفسه قد نسي أن من حق الإنسان أن يعبر عن رأيه دون أن يُوضع في السجون بسبب ذلك.
وبينما يواصل محامي صنصال، فرانسوا زيمراي، التنديد بالاتهامات “الخطيرة”، التي قد تقود موكله إلى عقوبات مشددة، يصبح واضحا أن النظام الجزائري لا يتردد في استخدام قوانين قديمة وكأنها سيوف حديدية لشل أي معارضة.
يبدو أن الجزائر في نظر بعض حكامها هي دولة ليست بحاجة إلى الأفكار المستقلة، بل فقط إلى تبجيل السلطة دون مساءلة.
ولعل المدهش في هذه القصة هو ردود الفعل المحلية والدولية التي تزامنت مع توقيف صنصال، حيث أن المنظمات الحقوقية، سواء في الجزائر أو في الخارج، سارعت للإعلان عن استنكارها لهذا التصرف، مطالبة بالإفراج الفوري عن الكاتب؛ لكن هل سيستمع النظام لهذه المناشدات؟ بالطبع لا، فالسلطة في الجزائر لا تحتاج إلى من يذكّرها بحقوق الإنسان أو بحرية التعبير، طالما أن هذه المفاهيم تعتبر “مزعجة” وغير ضرورية بالنسبة لها.