بعد تمريره من مجلس النواب، يستمر الجدل حول مشروع قانون الحق في الإضراب، وذلك بعد المصادقة على النسخة المعدلة منه ليصل إلى مجلس المستشارين، حيث أصدرت نقابات وهيئات تصريحات معارضة تقول إن الحكومة اعتمدت على أغلبيتها في مجلس النواب لتمرير مشروع القانون، وترى ضرورة أن يكون القانون محل توافق بين جميع الفرقاء الاجتماعيين عبر مشاورات موسعة وحقيقية.
ويعتبر القانون التنظيمي للإضراب ضمن القوانين شديدة الأهمية والحساسية، كما جاء في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس في افتتاح الدورة التشريعية بالبرلمان في أكتوبر الماضي، مبرزا أن بلورته “تقتضي إجراء استشارات واسعة والتحلي بروح التوافق البناء، بما يضمن حقوق الفئة العاملة ومصالح أرباب العمل ومصلحة الوطن”.
وبمجرد وروده على مجلس المستشارين من الغرفة الأولى للمؤسسة التشريعية، جرت إحالة مشروع هذا القانون التنظيمي على لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية في الـ30 من دجنبر الماضي، وفق الصيغة المصادق عليها من قبل ممثلي الأمة والتي تضم 35 مادة.
وكان مجلس النواب، في وقت سابق، قد تمكن من المصادقة على مشروع هذا القانون التنظيمي المثير للجدل، بعدما وافق عليه ضمن جلسة تشريعية عمومية 124 نائبا ومعارضة 41 آخرين وعدم امتناع أي نائب عن التصويت، بينما ينظر معارضو هذا المشروع بعين الريبة بسبب السرعة الكبيرة التي أخرج بها، مقارنة مع العرقلة التي طالته في الحكومة السابقة، فيما يقول المؤيدون إن الحكومة كانت لها الشجاعة لإخراجه بعد 62 سنة من التنصيص عليه في أول دستور مغربي.
ولا يستبعد إمكانية حصول نقاش ساخن على مستوى مجلس المستشارين بخصوص مشروع هذا القانون التنظيمي؛ بالنظر إلى أن تركيبة هذا المجلس تضم ممثلين عن النقابات العمالية، إلى جانب ممثلين عن أرباب العمل كذلك.
وسبق أن تعهد مستشارون برلمانيون، ذوو خلفية نقابية، بالعمل على تقديم مقترحات لتعديل مواد هذا النص، إذ اعتبروا أنه يبقى في نهاية المطاف “مكبّلا للحق في الإضراب الذي ينص عليه الفصل 28 من دستور المملكة”.
ومن بين ما توعد به بعض المستشارون البرلمانيون تقديمُ مقترحات للتعديل بخصوص المسائل المتعلقة بمساطر الإشعار بخوض الإضراب؛ إلى جانب المسألة المتعلقة بالغرامات.
وفي ذات السياق، تواصل عدد من الهيئات النقابية التعبير عن رفضها لهذا المشروع الذي تسارع الحكومة الزمن لإخراجه من المؤسسة التشريعية؛ إذ ترى أنه “مشروع تكبيلي وتجريمي للحق في ممارسة الإضراب، وكان من الضروري مناقشته ضمن جلسات الحوار الاجتماعي المركزي، بحضور ممثلي أرباب العمل”.
وعلى الرغم من كون النقابات لم توحّد جهودها بعد في هذا الإطار، فإنها تواصل التأكيد على رفضها المطلق لهذا المشروع، بما فيها الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى جانب الهيئات النقابية التي تتشبت بشعار “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد”.