خلف الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة في الولايات المتحدة موجة من التحديات القانونية والقلق بين الأسر المهاجرة، يأتي هذا القرار في وقت طويل الأمد من ضمان التعديل الرابع عشر لدستور الولايات المتحدة الحق في الجنسية التلقائية لكل من يولد على الأراضي الأمريكية.
ومنذ نحو 160 عاما، ضمن التعديل الرابع عشر هذا الحق، لكن أمر ترامب التنفيذي يسعى لتغيير تفسير هذه المادة بشكل يحرم الأطفال المولودين لأبوين مهاجرين في البلاد بشكل غير قانوني أو بتأشيرات مؤقتة من الحصول على الجنسية الأمريكية.
وتطبق السياسة الجديدة على الأطفال الذين سيولدون في الولايات المتحدة اعتبارا من 19 فبراير2025، بينما لن تؤثر على من ولدوا قبل هذا التاريخ.
وتعتبر الولايات المتحدة واحدة من حوالي 30 دولة في العالم، أغلبها في الأمريكتيْن، تمنح الجنسية بالولادة، بالمقابل، تعتمد العديد من الدول في آسيا وأوروبا وأفريقيا مبدأ “حق الدم”، حيث يمنح الأطفال جنسية الوالدين بغض النظر عن مكان ولادتهم، بينما تقوم دول أخرى بمزج بين المبدأين عبر منح الجنسية لأبناء المقيمين الدائمين.
وفي تعليق على هذا الموضوع، قال جون سكرينتني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا، سان دييغو، إن رغم انتشار مبدأ المواطنة بالولادة في الأمريكتيْن، إلا أن “لكل دولة طريقتها الفريدة في تطبيقه”، مشيرا إلى أن تاريخ المواطنة بالولادة في الولايات المتحدة كان معقدا منذ الأزل، خاصة عندما اعتُمد التعديل الرابع عشر لمناقشة حقوق العبيد المحررين، لافتا إلى أن “بناء الدولة القومية كان يشمل استراتيجيات مختلفة حول من يعتبر مواطنا ومن يستثنى”.
وبعد ساعات من صدور الأمر التنفيذي، قامت 22 ولاية بقيادة الديمقراطيين، بالإضافة إلى مدينة سان فرانسيسكو ومنطقة كولومبيا، برفع دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية للطعن في هذا القرار.
وأصيب الأمر التنفيذي بانتكاسة مبكرة عندما قضى القاضي الأمريكي جون كوفنور، في اليوم الرابع من رئاسة ترامب، بحجبه مؤقتا، معتبرا أنه “غير دستوري بشكل صارخ”.
وأجمعت آراء العديد من علماء القانون على أن الرئيس ترامب ليس في وسعه إلغاء حق المواطنة بالولادة من خلال أمر تنفيذي، وقال الخبير الدستوري سايكريشنا براكاش: “هذا الإجراء قد يزعج الكثيرين، ولكن في النهاية، ستكون المحاكم هي من تبت في القضية”.
القرار الرئاسي الذي يسعى إلى إعادة تفسير التعديل الرابع عشر يتطلب في حال تغييره تصويتا بأغلبية الثلثين في كلا مجلسي الكونغرس، بالإضافة إلى موافقة ثلاثة أرباع الولايات،.وفي هذه الأثناء، يظل الأمر معلقا حتى تستكمل الإجراءات القانونية، مع إعلان الحكومة الفيدرالية نيتها استئناف الحكم، وسط توقعات بأن تنتهي القضية أمام المحكمة العليا الأمريكية.