شهد دوار تالحيانت التابع للجماعة القروية لهري بإقليم خنيفرة، صباح اليوم الثلاثاء، مسيرة احتجاجية نسائية شاركت فيها عشرات النساء للمطالبة بإصلاح الطريق المؤدية للدوار، وتوفير وسائل نقل مدرسي ملائمة وسيارة إسعاف، بعد معاناة طويلة مع غياب أبسط شروط العيش الكريم.
وانطلقت المسيرة في أجواء سلمية، رددت خلالها المشاركات شعارات تدعو إلى تدخل عاجل من السلطات لإنهاء معاناة الأسر والتلاميذ مع وعورة المسالك الجبلية.
وقالت إحدى النسوة في تصريح مصور إنهن يضطررن إلى دفع مبالغ تتراوح بين 100 و300 درهم شهريا مقابل النقل المدرسي، “لكن الحافلة لا تصل إلى منازل الأطفال بسبب تدهور الطريق، مما يجبرهم على قطع مسافات طويلة مشيا كل صباح”.
وخلال توجه النساء نحو مقر عمالة خنيفرة، أقيمت أربعة حواجز أمنية لمنع تقدمهن، في وقت أكدن فيه أن مطلبهن الأساسي يتمثل في لقاء عامل الإقليم وطرح مشاكل الدوار مباشرة.
وردا على محاولات السلطات المحلية ورئيس الجماعة ثنيهن عن الاستمرار، قررت النساء تشكيل لجنة حوار تضم عشر مشاركات، وأصررن على المضي قدما في المسيرة التي تجاوزت 16 كيلومترا سيرا على الأقدام.
وعرفت المسيرة حادثا مؤلما، بعدما سقطت إحدى المشاركات مغمى عليها نتيجة الإرهاق، ليتم نقلها إلى المستشفى الإقليمي بخنيفرة لتلقي الإسعافات الضرورية.
ومع تزايد إصرار النسوة على إيصال صوتهن، اضطرت السلطات المحلية في النهاية إلى فتح باب الحوار، حيث استقبل عامل الإقليم لجنة تمثل المحتجات لمناقشة مطالبهن.
وفي تعليقه على هذه الأحداث، قال كبير قاشا، عضو فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة، إن الجمعية تتابع بقلق ما وصفه بـ“الوضع الكارثي” الذي يعيشه دوار تالحيانت وعدد من الدواوير المجاورة، مشيرا إلى أن جماعة لهري تعد من أغنى الجماعات من حيث الموارد الطبيعية، خصوصا المقالع الممتدة على جنبات واد أسرو، لكنها في المقابل تعاني من ضعف كبير في الخدمات الأساسية.
وأوضح قاشا أن “بعض المقالع تسببت في تخريب الطريق الرئيسية المؤدية إلى الدوار، بعد اقتلاع الإسفلت منها، ما جعل الوصول إلى المنطقة مغامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة في فترات التساقطات المطرية”.
وأضاف أن السكان يعيشون في عزلة خانقة، في غياب شبه تام للبنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية.
كما انتقد قاشا ما اعتبره “تناقضا صارخا” في تدبير الشأن المحلي، مبرزا أن “الجماعة تفرض ضرائب على الأراضي العارية، في حين أن سكانها يعيشون في فقر مدقع، وتلاميذها محرومون من النقل المدرسي اللائق”.
وأشار إلى أن سيارة الإسعاف الوحيدة المتوفرة بالجماعة “غير كافية لتغطية حاجات منطقة شاسعة ومترامية الأطراف”.
واختتم حديثه بدعوة السلطات الإقليمية والجهوية إلى التفاعل الجاد مع مطالب الساكنة، والقيام بإصلاح شامل للطريق والمرافق الحيوية، معتبرا أن ما قامت به نساء تالحيانت “رسالة قوية تعبر عن صمود المرأة القروية وقدرتها على الدفاع عن حقوقها وحقوق أسرتها بطرق سلمية وحضارية”.