في قلب مدينة طنجة، يشهد سور “المعكازين” التاريخي عملية ترميم تهدف إلى إعادة الاعتبار لمعلمة تراثية كانت تعاني الإهمال لسنوات، وبينما تسجل بعض المؤشرات الإيجابية على مستوى المظهر العام للمنطقة المذكورة، تظل هناك ملاحظات تقنية جديرة بالاهتمام، خاصة على مستوى أرضية الساحة المجاورة.
فوفق معاينة أولية ميدانية، لوحظ أن حالة السور تحسنت مقارنة بما كانت عليه سابقا، حيث يبدو اليوم في وضعية أفضل من صورته المهترئة السابقة، ما يعكس تقدما نسبيا في الأشغال المتعلقة بالهيكل الخارجي.
غير أن الملاحظات لا تغيب عن أرضية الساحة، حيث تم استخدام رخام أسود من الدرجة الثانية، تبين أن بعض قطعه تعاني من تشققات واضحة، قد تؤثر على متانته واستدامته، كما سجل أن الرخام الأبيض المنقوش المستعمل كذلك من نفس الجودة، قد تعرض لتغطية جزئية بالإسمنت أثناء عملية التركيب، مما شوه مظهره الجمالي، وطرح علامات استفهام حول دقة التنفيذ وحسن تتبع الأشغال.
إضافة إلى ذلك، كشفت المعاينة أن جزءا من الأرضية غير مستو، الأمر الذي قد يتسبب في مشكلات تتعلق بالسلامة أو الاستعمال اليومي للساحة، خاصة خلال فصل الشتاء، فالرخام المستعمل بوضعه الحالي لا يبدو قادرا على مقاومة التغيرات المناخية دون أن يتعرض لأضرار واضحة.
هذه الملاحظات التقنية تطرح مجددا مسألة معايير الجودة في إنجاز مشاريع الترميم بالمدينة، خاصة في مواقع ذات طابع رمزي وتاريخي، كما تفتح المجال للتساؤل حول شروط دفتر التحملات، ومراقبة الأشغال من قبل الجهات المعنية بالتتبع، في ظل حديث متزايد عن ضرورة احترام الجودة وتثمين التراث المحلي.
وبين التحسن النسبي للسور وتحديات الأرضية، يبدو أن ورش ترميم ما يزال بحاجة إلى مراجعة تقنية دقيقة قبل أن يقدم للمواطنين في صورته النهائية، بما يليق بمكانته في الذاكرة الطنجاوية.
والمثير للانتباه أن هذا النوع من الاختلالات لا يظهر فقط على مستوى التفاصيل التقنية، بل يعكس أحيانا منطقا استعجاليا في إنجاز مشاريع الواجهة، حيث تغلب السرعة على الجودة، ويقدم الإنجاز الشكلي كإنجاز فعلي، دون مراعاة استدامة الأشغال أو مدى ملاءمتها للمعايير الهندسية والفنية المتعارف عليها، وهي ممارسات سبق أن وجهت إليها انتقادات في مشاريع سابقة بالمدينة، ما يطرح إشكالا أعمق مرتبطا بغياب رؤية طويلة الأمد في التعامل مع الموروث الحضاري والعمراني لطنجة.