عقدت الهيئات النقابية والمهنية لقطاع الصحافة والنشر، الرافضة لمشروع قانون 25/26 الخاص بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، لقاء أمس الخميس مع قيادة الاتحاد المغربي للشغل، برئاسة الأمين العام الميلودي المخارق بالمقر المركزي للمنظمة بالدار البيضاء. وشارك في اللقاء وفد عن الأمانة الوطنية ورئيس الفريق البرلماني للاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، كما حضر وفد عن الهيئات النقابية والمهنية للقطاع، يتقدمه رؤساؤها وكتابها العامون.
و خصصت الجلسة لوضع الأمانة الوطنية للاتحاد في قلب التجاوزات والتراجعات، والترامي الفاضح للحكومة على مؤسسة المجلس الوطني للصحافة من خلال مشروع القانون 25ـ026، الذي سنّ مقتضيات تمنح الهيمنة لفئة على حساب أخرى، وتكرس التشتيت والإقصاء لفئات عريضة من التنظيمات المهنية والنقابية، وتلغي مبدأ الانتخاب عن فئة الناشرين وتعوضه بمبدأ التعيين، مع اعتماد رقم المعاملات والرأسمال معيارا للتمثيلية.
و بعد العرض الترحيبي للأمين العام، قدم مسؤولو الهيئات النقابية والمهنية (النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (UMT)، النقابة الوطنية للإعلام والصحافة (CDT)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني) عرضا حول السياق العام ومضمون مشروع القانون، أوضحوا فيه الأسباب الموضوعية لرفض تنظيماتهم للمشروع التراجعي، واستغرابهم لتقديمه أمام أنظار المستشارين رغم إحالته على مجلسين دستوريين لإبداء الرأي.
وجددت الهيئات طلبها بتأجيل النقاش التفصيلي لمواد المشروع، مؤكدة ضرورة إعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي القطاعي للتفاوض والتوافق حول مضامينه، لأنه جاء خارج السياق الدستوري وخارج الإشراك الجمعي، ناهيك عن كونه يقوض الركن الأساس للتنظيم الذاتي للمهنة (الاستقلالية والديمقراطية)، ويكرس مقاربة رأسمالية، ويشرعن آليات الضبط، ويجهز على التنظيمات النقابية وعلى التعددية والعدالة التمثيلية، وعلى المناصفة والشفافية من خلال اعتماد نمطين من الاقتراع، الانتخاب الفردي للصحافيين، والتعيين عبر الانتداب لفائدة الناشرين.
وأبرزت التنظيمات خلال اللقاء مع قيادة الاتحاد المغربي للشغل، أن المشروع يمس جوهر العمل الصحفي وروح الديمقراطية وفلسفة التنظيم الذاتي؛ ويتعارض مع مقتضيات الدستور ومدونة الصحافة والنشر وأعراف وتقاليد المهنة وأخلاقياتها، ومع التزامات المغرب الدولية في مجال الحريات النقابية والتمثيل المهني وحقوق الإنسان، علاوة على أنه لا يرتبط في سياقه مع إصلاح باقي قوانين الصحافة والنشر.
كما وقف عرض الهيئات عند مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعلى تقاطعه مع ملاحظات التنظيمات النقابية والمهنية المتعلقة بالشكل ومضمون مقتضيات المشروع، مثمّنا ما جاءت به مذكرة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان من ملاحظات ومقترحات حول مواد المشروع، في انتظار رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في الموضوع. واعتبرت الحركة النقابية والمهنية هذه الخطوات مدخلا موضوعيا لتصحيح التجاوزات، وإنتاج نص تشريعي ينسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وروح الدستور ومقتضياته ذات الصلة بحقوق الإنسان، ومع مدونة الصحافة والنشر، والتزامات المغرب الوطنية والدولية.
وفي كلمته خلال اللقاء، تطرق الأمين العام لمتابعة الاتحاد المغربي للشغل لمضامين المشروع، والانعكاسات السلبية لتمريره بهذه الصيغة التراجعية على المقاولات الصحفية وفئات عريضة من العاملين في قطاع الصحافة والنشر، والتي حرص الاتحاد منذ تأسيسه على العناية بأوضاعها المهنية والاجتماعية. كما استنكر لجوء الحكومة الحالية لتمرير قوانين وطنية ذات حمولة مجتمعية بصيغة أحادية وإقصائية، كما حصل مع القانون التكبيلي لحق الإضراب، وكما تعتزم فعله مع مدونة الشغل.
وذكّر السيد المخارق بالأدوار التي لعبها الاتحاد المغربي للشغل في إخراج المجلس الوطني للصحافة، مستعرضا مواقف الأمانة الوطنية من قضايا إصلاح قوانين الصحافة والنشر، والخطوات التي قام بها فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين خلال الأسابيع الأخيرة لتمكين المهنيين من إسماع صوتهم بحكمة، وبتغليب المصالح العليا للمغرب والمهنة والمهنيين.
و من جانبه، أوضح رئيس الفريق البرلماني للاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، السيد نور الدين سليك، أن الخطوات التي اتخذها الفريق بتوجيه من الأمين العام حرصت على إسماع صوت المهنيين، وتمكين القطاع من قانون ديمقراطي يهدف إلى الخروج بصيغة توافقية للمشروع، تضمن الارتقاء بمؤسسة المجلس الوطني للصحافة ليعكس تركيبة وطنية شكلا ومضمونا، من خلال مشاركة كافة مكونات القطاع في تعديله، انسجاما مع مقتضيات الدستور، بما يضمن استقلالية وفعالية مؤسسة التنظيم الذاتي وفقا لما سعت إليه أجيال من المناضلين والمهنيين.