لم تمر سوى أسابيع قليلة على إعلان منظمة الصحة العالمية، في الخامس من ماي الجاري، أن تفشي فيروس كورونا لم يعد يشكل حالة طوارئ صحية تثير قلقا عالميا، حتى عادت لتحذر من انتشار وباء آخر أطلقت عليه اسم “مرض x” يمكن أن يكون أشد فتكا من كورونا.
وتستعمل منظمة الصحة العالمية مصطلح “مرض X” لوصف مرض غير معروف لكن يحتمل أن يسبب عدوى بشرية واسعة.
وحسب مصادر إعلامية، يشرح الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي ذلك بالقول “إن منظمة الصحة العالمية تراقب عددا كبيرا من الأمراض وتبحث مع الدول سبل مواجهتها، من بينها 10 أمراض تصنفها الأخطر؛ على رأسها كوفيد 19، وإيبولا، ونيباه، وزيكا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية والسارس، وحمى لاسا”.
وبالإضافة إلى الأمراض المعروفة، يضيف حمضي، في تصريح له، تضع منظمة الصحة العالمية دائما في آخر اللائحة مرض X، وهو ليس مرضا معروفا بل تهديدا مجهولا يمكن أن يكون فيروسا أو بكتيرية أو سلاحا بيولوجيا أو خطأ مخبريا أو أي فيروس ينتقل من حيوان إلى آخر، يستدعي التفكير في كيفية مواجهته.
وأبرز أن الأبحاث الأخيرة تشير إلى وجود احتمال كبير في أن يكون مرض X مصدره حيواني؛ أي ينتقل من الحيوان إلى الحيوان ثم إلى الإنسان، وذلك بالنظر إلى تصرفات الإنسان الضارة ببيئة الحيوانات.
وأوضح حمضي، في هذا الإطار، أن هذه التصرفات تسببت خلال العقود الأخيرة في ظهور العديد من الأمراض ذات الأصل الحيواني مثل كوفيد 19 وإنفلونزا الطيور وزيكا وإيبولا وجنون البقر.
ووفقا لدراسة أجريت سنة 2008، يتابع الباحث في السياسات والنظم الصحية، تبين أنه “من بين 335 مرضا ظهرت بين عامي 1960 و2004، يعود أصل 60 في المائة من هذه الأمراض إلى الحيوانات؛ أي ثلاثة أرباع الأمراض التي ظهرت في العقود الأخيرة أصلها حيواني”.
كما أظهرت الدراسات أن انتقال الفيروسات من فصيلة حيوانية إلى أخرى مقارنة مع الـ40 سنة الماضية تضاعف 3 مرات أو أكثر لكون الإنسان يعيش مع الحيوانات بشكل أكبر، موضحا أن هذه المعطيات تجعل من احتمال أن يكون “المرض إكس” فيروسا ينتقل من الحيوان إلى الإنسان أمرا واردا.
وتزيد خطورة هذه المعطيات عند العلم بوجود 1,7 مليون فيروس غير مكتشف عند الطيور والثدييات، 827 ألفا منها قد يكون لها القدرة على إصابة البشر.
وشدد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية على أهمية إصلاح علاقة الأفراد مع البيئة كأول خطوة يمكن القيام بها لوقف انتشار الأوبئة ذات الأصل الحيواني، فضلا عن تهيئ الدول عن طريق المراقبة والاستجابة بسرعة في حال التوصل بإنذار حول أي وباء قادم، مع ضرورة تحضير لقاح في ظرف 100 يوم.
وأبرز حمضي أن معدل إنتاج اللقاح كان يستغرق 10 سنوات، وسجلت أقصر مدة لإنتاجه في 5 سنوات، قبل ظهور فيروس كورونا الأخير الذي استدعى إنتاج لقاح في ظرف 326 يوما فقط، لافتا إلى أن “التحدي المطروح حاليا هو إنتاج لقاح ضد أي وباء جديد في ظرف 100 يوم، وهو الأمر الذي يتطلب ميزانية كبيرة”.
وأضاف، أن ثمن الجائحة يساوي 100 مرة ثمن الاستعداد لها، ما يظهر أهمية التهيئ والاستمرار في الوقاية.
ويرى حمضي أن الظرفية الحالية تستدعي منظومة صحية مؤهلة للاستجابة لتحدي أي مرض X، سواء على مستوى المستشفيات أو الأطر الصحية.
أما على مستوى الأفراد، شدد الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية على ضرورة الاستمرار في الوقاية عبر اتباع أسلوب حياة نظيف ووضع الكمامة في حال الإحساس بأي مرض معد.
كما دعا إلى عدم تدمير البيئة التي تعيش فيها الحيوانات للحد من تكاثر الفيروسات، وأخذ الاحتياطات اللازمة تجاه الحيوانات مجهولة المصدر.
يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية صاغت مصطلح “المرض X ” لأول مرة في عام 2018، وبعد مرور سنة ظهر “كوفيد 19” في الصين وبدأ بعد ذلك في الانتشار في مختلف دول العالم.