في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، أعلنت الجمعية الوطنية لمربي الدجاج عن مقاطعتها الرسمية لمعرض “دواجن 2025” المزمع تنظيمه في الفترة ما بين 3 و5 نونبر المقبل بمركز المعارض محمد السادس بمدينة الجديدة، والذي يحمل شعار “الابتكار والاستدامة”.
غير أن الجمعية، في موقف لافت، اختارت الرد بشعار مغاير عبرت من خلاله عن واقع المربين اليوم، وسمته “الاحتكار واستدامة الغلاء”، في إشارة إلى ما تعتبره “تواطؤا غير معلن” بين الجهات الفاعلة في القطاع واستمرارا لسياسات التهميش التي تطال المربين الصغار والمتوسطين.
وأكدت الجمعية في بلاغها أن قرار المقاطعة لا يعكس رفضا للتطور أو الانخراط في المبادرات المهنية، بل هو نتيجة مباشرة لتراكم سنوات من التجاهل وغياب الحوار الجاد مع السلطات الوصية، رغم الوقفات والاحتجاجات العديدة التي نظمها المربون خلال السنوات الماضية أمام وزارة الفلاحة أو في نسخ سابقة من المعرض نفسه، أبرزها سنة 2012.
وأوضحت الجمعية أن أوضاع المربين ازدادت سوءا خلال السنوات الأخيرة، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف والكتاكيت والأدوية البيطرية، مقابل غياب دعم فعلي يخفف من أعبائهم.
وأشارت إلى أن تكاليف الإنتاج باتت غير متوازنة، حيث تبلغ تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الدجاج في المغرب حوالي 17 درهما، بينما لا تتجاوز 12 درهما في بلدان أخرى تعتمد آليات شفافة لتنظيم سوق الأعلاف والكتاكيت وضمان المنافسة العادلة.
هذا الفارق الكبير، حسب الجمعية، يعكس حجم الاختلال والاحتكار الذي يخنق المربين الصغار ويدفع بالكثير منهم نحو الإفلاس.
ورغم إعلان بعض الشركات عن خفض سعر الكتكوت إلى 5 دراهم ابتداء من 27 أكتوبر 2025، اعتبرت الجمعية أن هذا القرار لا يغير من عمق الأزمة، واصفة إياه بـ“الحل المؤقت” الذي لا يمس جوهر المشكل البنيوي للقطاع.
ودعت، في المقابل، شركات الأعلاف إلى مراجعة أسعارها بما يتناسب مع الانخفاض الملحوظ في أسعار المواد الأولية عالميا، حيث هبط سعر الذرة إلى أقل من 160 دولارا للطن، وسعر عباد الشمس إلى أقل من 300 دولار للطن.
وشددت الجمعية على أن مقاطعتها لمعرض “دواجن 2025” تأتي احتجاجًا على غياب العدالة داخل سلسلة الإنتاج والتوزيع، وعلى السياسات التي تمنح الأفضلية لكبار المستثمرين على حساب آلاف المربين الذين يمثلون الدعامة الأساسية للأمن الغذائي بالمغرب.
وأكدت أن “الاستدامة الحقيقية لا يمكن أن تتحقق إلا حين يشعر المربي بالحماية والإنصاف داخل سوق منظم وشفاف”.
وفي ختام بلاغها، اعتبرت الجمعية أن القطاع يعيش مرحلة مفصلية تتطلب تدخلا عاجلا يعيد التوازن إلى المنظومة، ويحمي المربين والمستهلكين معا من تداعيات الاحتكار وارتفاع الأسعار.
كما جددت التزامها بمواصلة الدفاع عن كرامة المربين وحقهم في ممارسة مهنتهم بكرامة داخل بيئة اقتصادية عادلة، مؤكدة أن “صوت المربي لن يقصى بعد اليوم، وأن زمن الصمت قد انتهى”.
