تستعد إسبانيا لتولي الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، غدا السبت 30 يونيو، وذلك للمرة الخامسة، بعد سنوات 1989 و1995 و2002 و2010.
وخلال النصف الثاني من سنة 2023، تتسلم إسبانيا الرئاسة الدورية للتكتل الأوروبي من السويد، وسيكون هذا هو الوقت المناسب لوضع أجندة تتضمن لقاءات مارطونية ومجالس وأحداث موازية تتجاوز بكثير واجهة الأحداث الدولية.
ويتعلق الأمر بتأمين إدارة دقيقة في لحظة حاسمة ليس لمستقبل أوروبا، التي خرجت للتو من الوباء ووجدت نفسها وسط الحرب في أوكرانيا فحسب، ولكن أيضا لإسبانيا التي تعيش في خضم الحملة الانتخابية لاستحقاقات 23 يوليوز.
إسبانيا، التي حددت بالفعل الخطوط العريضة لاستراتيجية رئاستها الدورية، على الأقل كإطار للطموحات، عازمة على المضي قدما في المشروع الأوروبي على الرغم من السياق المعقد، الذي يتسم أولا وقبل كل شيء بأول اقتراع سيتم إجراؤه في الصيف بإسبانيا والانتخابات الجديدة للبرلمان الأوروبي التي ستُجرى في ماي من العام المقبل.
وهذا يعني أنه في كثير من الحالات، سيتعين على مدريد أن تسابق الزمن من أجل الالتزام بخطط الهيئة التشريعية، في وقت يوجد هناك “عدد كبير من الملفات المفتوحة بشأن المحاور الرئيسية لعمل الاتحاد”، والمتمثلة في التحول البيئي، والتحول الرقمي، والأجندة الاجتماعية، وهي أكثر القضايا التي ركزت عليها وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية.
وإدراكا منها لهذه الوضعية، قدمت إسبانيا مجموعة من المقترحات القائمة على تعزيز تماسك أوروبا. وقال خوسيه مانويل ألباريس، رئيس الدبلوماسية الإسبانية، في عدة مناسبات “نحن واضحون في هذا الأمر: لكي يكون الإسبان بخير، يجب أن تكون أوروبا في حالة جيدة ويتعين أن تكون إسبانيا في أحسن حالاتها داخل أوروبا”.
وتعتزم مدريد التأكيد على وحدة عمل دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، والذي ثبت أنها ضرورية للغاية في حالات مثل أوكرانيا، ومراجعة خطط التعافي والقدرة على الصمود مع حكامة اقتصادية أفضل، وأجندة اجتماعية تعزز الركيزة الاجتماعية الأوروبية بحيث لا يتخلف أحد عن الركب مع التركيز على النساء والأطفال والإعاقة والصحة، والميثاق حول الهجرة واللجوء، الذي تم تجميده منذ سنوات، وتنمية السوق الداخلية، التي تتمحور حول مزيد من الاستقلالية الاستراتيجية وتحسين القدرة التنافسية للصناعة الأوروبية وابتكارها.
وستدافع الحكومة الإسبانية، أيضا، عن التنفيذ الكامل للأجندة الرقمية، مع مزيد من الربط، وتعزيز الأجندة الخضراء، مع كل ما يعنيه ذلك من حيث تقليص التبعية الطاقية للخارج، وإصلاح سوق الطاقة والموارد النظيفة، ومكافحة تغير المناخ وتعزيز التنوع البيولوجي، وصندوق الكوارث الكبير الذي يمثل الدور العالمي للاتحاد الأوروبي وتأثيره عبر العالم واستجاباته المستقبلية، مع أمريكا اللاتينية وجيرانها الجنوبيين كمخاوف رئيسية.
وخلال لقائه مع سفراء الاتحاد الأوروبي، حدد ألباريس هذه المحاور وشدد على جانبين ضروريين لـ “التعاون الأوروبي”. من جهة، الطاقة “التي تتطلب إجراءات عاجلة ومنسقة للاستجابة للأزمة الخطيرة التي نمر بها”، ومن هنا يأتي الاهتمام بتقليص التبعية الطاقية لروسيا، وتعزيز الفعالية، وتوسيع “الربط الأوروبي للغاز والكهرباء” وتحسين الطاقات المتجددة. ومن جهة أخرى، الحكامة الاقتصادية، لمواجهة ارتفاع التضخم غير المسبوق منذ أربعة عقود في القارة العجوز، ولزيادة الاستثمارات العمومية لصالح التحولات الخضراء والرقمية.
وإدراكا منها للتحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي، ستسعى إسبانيا جاهدة لترك بصمتها وإعطاء دفعة جديدة لتكتل لا يزال يعاني من عواقب الوباء والحرب في أوكرانيا.