يحتفل المغاربة بـ”عاشوراء”، الذي يصادف هذه السنة اليوم الجمعة 28 يوليوز، إذ تنطلق الاحتفالات منذ فاتح شهر محرم وتستمر إلى اليوم العاشر منه، ورغم عدم اعتماد هذه المناسبة كيوم عطلة، كمثل باقي المناسبات الدينية الأخرى، إلّا أنها تتميز برمزيتها الخاصة عند جل المغاربة.
وتعتبر ذكرى عاشوراء حدثا استثنائيا عند أغلب المغاربة، حيث يعتبر هذا يوم نصر وتأييد لنبي الله موسى -عليه السلام- الذي نجّاه الله بقدرته وقوته من بطش فرعون وجنوده، وأهلك فرعون ومن معه غرقاً، لذلك فقد عكف اليهود على صيام هذا اليوم.
وعندما علم النبي بذلك أكّد أن المسلمين أولى بموسى من اليهود، ومنذ ذلك الوقت يحرص المسلمون على صومه، مع مراعاة صيام التاسع والعاشر من محرم، لتميز الطريقة الإسلامية للصيام عن الصيام عند اليهود الذين يحافظون فقط على صيام العاشر.
ويختص يوم عاشوراء في المغرب بتقاليد واحتفالات خاصة، فبمجرد دخول السنة الهجرية الجديدة، يبدأ الإقبال على شراء “الفاكية” وهي طبق يتكون من خليط من الفواكه الجافة والحلويات، التي تُعد ضروريةً لتزيين المائدة المغربية في هذه المناسبة، بالإضافة إلى، “الفَقَّاص” و”القْرِيشْلاتْ” و”الكعك”.
أما داخل البيوت فيجتمع شمل العائلة والأحباب حول الطبق الخاص بيوم عاشوراء والذي يتميز بتحضير الكسكس ب “الذيّالة”، أي ذيل الخروف، و”القدّيد”، وهي لحم الأضحية وأحشاؤها المجففة، التي يتم تخزينها من عيد الأضحى خصّيصاً لهذا المناسبة.
عاشوراء في المغرب طقس احتفالي بامتياز يستقبله الصغار والكبار في كل عام ببهجة وشغف كبيرين. كيف لا وهو عيدُ الألعاب الجديدة للأطفال، و “الطعارج” و ” البندير” للنساء اللاتي تتغننين بأهزيج متوارثة في الذاكرة المغربية من قبيل: “عيشوري عيشوري، عليك دَلّيت شعوري… بابا عيشور ما علينا حكام ألالة… عيد المولود كيحكموه الرجال ألالة”، و”ڭديدة ڭديدة منشورة على العواد هذا بابا عيشور جا يصلّي وداه الواد”.
وبهذه المناسبة تصبح الشوارع والأحياء المغربية بمثابة ساحة معركة، بحيث يقدم الأطفال والشباب على التراشق بالماء فيما يعرف بـ”زمزم”، وكذلك إضرام النار والذي يعرف بـ”الشعالة”.
والجدير بالذكر أن هذه الطقوس مستمدة من الثقافة الإسلامية، فيما أن بعضها مستوحى من الذاكرة الشعبية الموروثة عن الأسلاف، لها جذور ضاربة في القدم، خلفتها الحضارات المتعاقبة على المغرب وظل الناس متأثرين بها وحافظوا عليها.