انكب باحثون وجامعيون برتغاليون ومغاربة، اليوم الثلاثاء برحاب كلية الآداب- جامعة لشبونة، على رصد التاريخ والتراث المشترك الذي يتقاسمه البلدان.
وتوقف المتدخلون خلال هذا اليوم الدراسي، الذي نظمه مركز التاريخ بجامعة لشبونة، بالتعاون مع المجلة الإفريقية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، عند تأثيرات المكون الثقافي البرتغالي في المغرب، والتراث المعماري المغربي بالبرتغال الغني، خاصة في أزهر المراحل التاريخية، لاسيما فترة المرابطين والموحدين، مؤكدين الحاجة إلى تثمين هذا الموروث التاريخي المشترك وإبراز معالمه من خلال الكتابات العديدة التي تؤرخ للفترة الممتدة مابين القرنين الثاني عشر والثامن عشر.
وفي هذا الصدد، قال جوزيه دا سيلفا هورتا، مدير مركز التاريخ التابع لكلية الآداب بجامعة لشبونة، أن هذا اليوم الدراسي يندرج ضمن سلسلة من اللقاءات التي سينظمها المركز بغية إبراز التاريخ والتراث المشترك للبلدين، وتعزيز وتطوير الدراسات التي تناولت حقبة مهمة من تاريخ المغرب والبرتغال خلال الفترة الممتدة ما بين القرنين الـ 12 والـ 18.
وأوضح الأكاديمي البرتغالي أن هذه المبادرة، الأولى من نوعها، سيليها تنظيم أيام دراسية بالرباط ولشبونة سينشطها باحثون ومؤرخون بالبلدين، مشيرا إلى أن اللقاء يشكل فرصة لتسليط الضوء على الكتابات والقراءات المتعددة المصادر التي وثقت لهذه المرحلة من العلاقات، وذلك لفهم أعمق للتاريخ المشترك للبرتغال والمغرب.
من جانبه، قال رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب- جامعة لشبونة، فرنانديش إيرمانجيلدو، أن اللقاء يروم تسليط الضوء على الدراسات المغربية البرتغالية التي تناولت التاريخ واللغة والتراث المشترك للبلدين، مشيرا إلى أن اليوم الدراسي يشكل، مناسبة كذلك لتعزيز وتقوية الروابط بين الأكاديميين وإطلاق برنامج للتنقيب والكشف عن النصوص المكتوبة باللغتيين العربية والبرتغالية، التي تطرقت إلى العلاقات التاريخية بين البلدين على مدى قرون.
وأضاف إيرمانجيلدو، الذي عمل أيضا كأستاذ جامعي بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس لعدة سنوات، أنه سيتم العمل على تحديد مصادر هذه النصوص وترجمتها إلى اللغتين العربية والبرتغالية، مستحضرا من جهة أخرى، تجليات الإرث العربي والأمازيغي في مظاهر الحياة اليومية بالبرتغال، والهندسة المعمارية، واللغة.
أما رحال بوبريك، الأستاذ الباحث بمعهد الدراسات الإفريقية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، فأكد بدوره، أن هذا اللقاء يهدف إلى تسليط الضوء على العلاقات المغربية-البرتغالية، لاسيما التاريخ والثرات المشترك الذي ينبغي تثمينه، مع الانكباب على كل أشكال الموروث الثقافي البرتغالي- المغربي المشترك المادي منه واللامادي، سواء بالمغرب أو بالبرتغال، مبرزا أهمية التنقيب في الكتابات التاريخية التي سلطت الضوء على الحضور المغربي بالبرتغال في عهد الموحدين والمرابطين، والغوص في أغوار هذه النصوص التي تؤرخ لهذه المرحلة المهمة من تاريخ المغرب.
وأضاف أن التراث الثقافي البرتغالي في المغرب متنوع ولا يقتصر فقط على الجوانب المرئية، أي أنه لا يشمل فقط الكتابات الموثقة، ولكن أيضا يشمل التراث غير المادي الذي يتجلى في الأحداث التاريخية والتأثيرات المتبادلة، والتي حظي القليل منها بالبحث والدراسة، مثل الحضور البرتغالي في الصحراء المغربية، لاسيما بكاب بوجدور ومنطقة وادي الذهب.
وتضمن برنامج هذا اليوم الدراسي، الذي عرف مشاركة ثلة من الأكاديميين المغاربة والبرتغاليين، مناقشة مواضيع همت على الخصوص “المرابطون والحدود البرتغالية”، و”العلاقات الدبلوماسية بين البرتغال والمغرب”، و”الوجود البرتغالي بجنوب المغرب في القرن الخامس عشر”، فضلا عن قراءة في مؤلف “من بوجادور إلى بوجدور” الذي يرصد بالنص والصورة، تاريخ هذا الموقع الأسطوري بالنسبة للبرتغاليين، والذي أصبح اليوم مدينة مهمة بجنوب المغرب.