وسط دروب المدينة العتيقة للدار البيضاء، ينبض مشروع طموح بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالحياة، ليعيد الروح للحرف التقليدية ويوفر فرصا واعدة للشباب.
من خلال فضاءين رئيسيين، “المكان” للترويج لمنتجات الصناعة التقليدية، والموهوب لتكوين وتأهيل الحرفيين الشباب، تعمل جمعية ماروك إمباكت وشركاؤها على ربط الماضي بالحاضر، وتقديم تجربة فريدة تمزج بين الأصالة والابتكار.
في قلب المدينة القديمة، وتحديدا خلف ساحة أحمد البيضاوي، يستقبل “المكان” الزوار داخل رياض تاريخي، يجمع بين جمال الزليج المغربي والنقوش الجبسية ودفء الضيافة التقليدية.
ويعرض في هذا الفضاء تشكيلة متنوعة من المنتجات الحرفية: من الفخار والنحاس إلى القفطان والجلد التقليدي، وسط أجواء تتيح للزوار خوض تجربة تفاعلية من خلال ورشات عمل ولقاءات ثقافية.
المشروع لا يقتصر على العرض، بل يشجع الزوار على الانخراط والمشاركة، كما حصل مع فريق من المغاربة والأجانب خلال ورشة طبخ جماعية لكسكس مغربي تخللتها عروض موسيقية لفن كناوة.
من جانبه، يشكل مركز “الموهوب” بحي الملاح نقطة انطلاق للعديد من الشباب، إذ تخرج منه أكثر من 300 مستفيد تلقوا تكوينات في مجالات متعددة، تشمل الخزف، الخياطة، المجوهرات، وصناعة الرافية، بالإضافة إلى المهارات الرقمية في مختبر “فاب لاب”.
أيوب نبيه أحد الخريجين، يؤكد أن المركز شكل نقطة تحول في مسيرته، حيث اكتسب مهارات تقنية وشخصية مكنته من دخول سوق العمل بثقة واحترافية، أما المعلم عبد المجيد شتوك، أحد رواد صناعة “الرافية”، فيرى في المشروع جسرا بين أجيال الحرفيين وفرصة لنقل الخبرات المتوارثة.
هذا الفضاء يشكل أيضا قبلة لطلبة أكاديمية الفنون التقليدية، وواجهة للقاء بين الإبداع المغربي والاهتمام العالمي، خاصة مع ارتباطه بشبكات دولية مرموقة كمؤسسة MIT ودور أزياء عالمية.
وتقول جمعية “ماروك إمباكت” إن المشروع الذي انطلق عام 2023 بتمويل يصل إلى 4 ملايين درهم من المبادرة الوطنية، يمثل نموذجا ناجحا للاقتصاد الاجتماعي، ويطمح القائمون عليه لتوسيع التجربة إلى مدن مغربية أخرى.
كما أكد عبد الرزاق رشدي، المسؤول عن مركز “الموهوب”، أن المشروع تجاوز حدود الحلم، ليصبح منصة للإبداع والتمكين، ومصدر إلهام للأجيال القادمة.