منذ إحداثها سنة 2010، تواصل مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف تعزيز تواجدها كصرح علمي كبير وأساسي للحفاظ على القرآن الكريم، سواء في المغرب أو الخارج، خاصة في القارة الإفريقية. وتعمل هذه المؤسسة، التي تعد هيئة وطنية مرجعية عليا في مجال الإعداد العلمي والمادي والفني لنسخ وتوزيع ونشر القرآن الكريم وتسجيله عن طريق مختلف الوسائط المتعددة، على تنويع الأشكال والابتكار بشكل أكبر للوصول إلى مختلف المواطنين.
وأكد مدير مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف عمر العمراوي، أن هذه المؤسسة غير الربحية ، التي يتواجد مقرها بالمحمدية ، طبعت منذ إحداثها حوالي 10.5 مليون نسخة من القرآن الكريم. وأضاف العمراوي، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأمر يتعلق بتوزيع نسخ بالمجان لفائدة المساجد بمختلف جهات المملكة، أو تلك الموجهة إلى بلدان إفريقية أخرى، بالإضافة إلى نسخ مخصصة للمساجد التي يرتادها المغاربة المقيمين بالخارج.
وأكد مدير مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف أن المؤسسة طبعت، خلال سنة 2023 على سبيل المثال، ما مجموعه 720.932 نسخة، وزعت منها 708.952 نسخة .
وتابع أنه في إطار الشراكات والتعاون مع دور النشر المغربية، تم طبع ما لا يقل عن 12.5 مليون نسخة من القرآن الكريم (سواء في المغرب أو في الخارج) تحت مراقبة وإشراف المؤسسة خلال 14 سنة تقريبا من تأسيسها.
وفي نفس الإطار ، تم في سنة 2023، استيراد 1.022,122 نسخة من القرآن الكريم إلى المغرب (خاصة من لبنان ومصر وإيطاليا)، أو طباعتها محليا من قبل الناشرين.
وأشار العمراوي إلى أن هذا لا يشمل النسخ غير المرخصة، بسبب الأخطاء التي قد تحتويها أو لعدم مطابقتها للمعايير، مبرزا أن المؤسسة هي المخولة لاتخاذ الإجراءات المنصوص عليها قانونا بهدف ضبطها ومنع تداولها، دون المساس بحقها في مباشرة الإجراءات القانونية اللازمة وفقا للقوانين الجاري بها العمل. وفي هذا الإطار ، قال العمراوي إن كافة أعمال المؤسسة، منذ تدشينها من قبل أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 15 رمضان 1431هـ (26 غشت 2010)، تندرج في إطار اختصاصاتها ومن بينها ضمان دقة نسخ القرآن الكريم المتداولة داخل المملكة، من خلال الترخيص بطباعتها أو توزيعها للتأكد من خلوها من أي خطأ أو تزوير، طبقا للظهير الشريف رقم 1.09.198 (23 فبراير 2010) ، المتعلق بإحداث المؤسسة.
وبموجب الظهير الشريف تعمل المؤسسة على القيام بإعادة نسخ المصحف الشريف برواية ورش عن نافع وفق القواعد المعتمدة في علوم الرسم والوقف والضبط والقراءات ، وكذا الإشراف على طبع المصحف الشريف والعمل على نشره وتوزيعه، ثم الإشراف على تسجيل تلاوة المصحف الشريف ولاسيما برواية ورش عن نافع عن طريق استعمال مختلف أنواع الدعائم المتعددة الوسائط .
ومن الانتاجات الرئيسية للمؤسسة “المصحف المحمدي”، ويتميز هذا الكتاب، الذي هو موضوع إنتاج متسلسل وصناعي، بخصائصه المتمثلة في رواية “ورش” عن نافع حسب القواعد المعتمدة في علوم النسخ والقراءات. وأكد أنه قبل نشر أي نسخة، فإن هذه العناصر التي لا يمكن أن تلحظها إلا عين خبيرة، يتم تدقيقها من قبل الهيئة العلمية التي تتوفر عليها المؤسسة والتي تضم علماء بارزين متخصصين في علوم القرآن وخبراء في فنون الخط وزخرفة المصحف الكريم.
من جهة أخرى، ومن بين الإنتاجات المتنوعة للمؤسسة التي تهدف إلى جعل القرآن الكريم في متناول مختلف الشرائح المجتمعية ، وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، تعمل المؤسسة على طبع نسخ من القرآن الكريم موجهة لفئة ضعاف البصر، ونسخ مكتوبة بطريقة “برايل” من القرآن الكريم مخصصة للمكفوفين.
وذكر العمراوي أن المؤسسة، التي يرأس وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية مجلسها الإداري، تعمل أيضا على ترجمة معاني آيات القرآن الكريم بلغات مختلفة: الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية، وكذا باللغة الأمازيغية.
وأبرز أن المؤسسة، وفي إطار تعاونها مع البلدان الافريقية، أطلقت أيضا مشروع الترجمة إلى لغات إفريقية، وخاصة لغة الهوسا، وهي لغة يتحدث بها جزء كبير من القارة الافريقية خاصة في نيجيريا والنيجر، ولكن أيضا بالكاميرون والسودان والتشاد والبنين وغانا والطوغو وافريقيا الوسطى والغابون وبوركينا فاسو.
وفي ما يتعلق بتسجيلات المصحف المحمدي المرتل، التي يتم إطلاقها كل سنة، فقد بادرت المؤسسة خلال السنة الماضية إلى إنجاز مشروعين أحدهما الترتيل على طريقة التلاوة الحسانية، وكذا تسجيل يحترم قوانين ترتيل القرآن الكريم وضوابطه بصوت نسائي .
وأكد العمراوي على أن هذه الإنجازات المتعددة تشهد على الدور الكبير لهذه المؤسسة التي ” تجسد الاهتمام البالغ الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس للقرآن الكريم”.