في واحدة من أغرب الفضائح التي قد تجعل حتى المرضى يضحكون قبل أن يسعلوا، وجدت مستشفيات باريس نفسها مضطرة للعب دور “المنظمة الإنسانية الجزائرية للرعاية الصحية”، بعد أن تركت الجزائر وراءها فاتورة علاج ضخمة بلغت 45 مليون يورو، وكأنها مجرد ملاحظة هامشية في دفتر الديون!
المثير للسخرية أن المستشفيات الفرنسية لم تتحول إلى “دار الاستشفاء الجزائرية” لعلاج الفقراء والمحتاجين، وإنما باتت الوجهة الطبية المفضلة للمسؤولين الكبار وأصحاب الجوازات الدبلوماسية، الذين يبدو أنهم فقدوا الثقة في مستشفيات بلدهم، ربما لأنهم يعلمون جيدا أن الداخل إلى المشفى الجزائري مفقود، والخارج منه… معجزة طبية بحد ذاتها!
أما المواطن البسيط، فليس أمامه إلا طوابير لا تنتهي في المستشفيات المحلية، حيث يناضل للحصول على “جرعة بنج” أو موعد مع طبيب قبل حلول العام القادم.
وبينما يتلقى “الخواص” علاجهم في مستشفيات باريس الفاخرة، يواجه الشعب معضلة العثور على “السيروم” أو سرير غير مشغول!
العبقرية الجزائرية لم تتوقف عند حدود المسؤولين، فقد وجد بعض المواطنين حيلة أخرى للاستفادة من هذا التأمين الصحي العابر للقارات؛ كل ما عليهم فعله هو زيارة قريب في فرنسا، ثم فجأة “يكتشفون” أنهم مرضى يحتاجون إلى علاج عاجل، مستخدمين بطاقات التأمين الصحي لأقاربهم، أو ببساطة، يتجاهلون الفواتير، متبعين نظرية: “إذا كانت الحكومة لا تدفع، فلماذا أفعل؟”
وبطبيعة الحال، لم يتأخر النظام الجزائري في الرد، حيث نشرت وكالة الأنباء الجزائرية بيانا رسميا يصرخ في وجه الأرقام والتقارير الصحفية، نافيا صحة كل شيء. وفقا لهذا البيان، الجزائر “دفعت جميع الفواتير”، وربما تكون فرنسا هي التي أخطأت في الحسابات!
لكن الحقيقة واضحة: الجزائر لا تدفع، المستشفيات الفرنسية تتذمر، والشعب الجزائري… ما زال يبحث عن “باراسيتامول” في صيدليات بلاده!