أبرز الناصري ، خلال تقديمه كتابه بعنوان ” السياسة الخارجية للمملكة المغربية منذ الاستقلال إلى الوقت الراهن : أسس وتأثيرات وتغيرات جيوسياسية” ، في حفل نظمته سفارة المغرب في دكار ، بشراكة مع المعهد الإفريقي للإستراتيجية والسلام والأمن والحوكمة ، أن المملكة تتمتع بنفوذ جيوسياسي فريد واستراتيجي امتد لآلاف السنين من خلال التكيف مع بيئتها والتعامل مع التحولات المعقدة والملزمة.
وأكد الدبلوماسي المغربي أنه في أعقاب الاستقلال، كانت استعادة السيادة الوطنية أولوية للدبلوماسية المغربية، مضيفا أنه ” بعد ذلك، شكل استكمال الوحدة الترابية على الدوام أولوية الأولويات، وقد حتمت التجربة وضع سياسة خارجية واقعية، ثابتة في مبادئها ومتطورة من حيث الأسلوب والإستراتيجية “.
وأشار إلى أنه في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، استمرت السياسة الخارجية المغربية على نهجها وتم إثرائها بـ “عقيدة أكثر التزاما وبأسلوب أكثر فاعلية” من أجل استكمال الوحدة الترابية قائمة على أساس “الواقعية والوضوح والحزم” كما يتضح من المبادرة المغربية للحكم الذاتي لأقاليم الصحراء المغربية عام 2007 والنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية المعتمد عام 2015.
وفي نفس السياق، سلط سفير المغرب في السينغال الضوء على دور الإسلام والانتماء الثقافي والاهتمام الدائم باحترام المبادئ المشتركة للإنسانية.
وأشار إلى أن السياسة الخارجية المغربية المشروطة بحتميات متعددة تعمل كضغوط داخلية وخارجية وجغرافية واقتصادية واستراتيجية وقانونية، تواجه تحديات مرتبطة بالنظام الدولي . وهكذا ، فإن المقاربة المغربية ، القائمة على التوازن والاعتدال ، تسعى على الدوام إلى إيجاد توازن دقيق بين القوى المختلفة التي تشكل النظام العالمي والمصلحة الوطنية العليا.
وأوضح الناصري أن “المغرب اعتمد مفهوما للمزاوجة بين مجالين خارجي وداخلي . فصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله ، لم يفتأ يؤكد على ذلك، جاعلا السياسة الخارجية رافعة للسياسة الداخلية، والعكس صحيح ، وفق منطق الترابط والتكامل يهدف إلى التعزيز المتبادل كما يتضح من النموذج التنموي المغربي الجديد المعتمد في 2019 “.
كما اعتبر أن أي سياسة خارجية مدعوة بطبيعة الحال إلى التكيف باستمرار من أجل التعامل مع المتطلبات والنماذج الجديدة للنظام العالمي ، من أجل الدفاع بشكل أفضل عن المصالح الوطنية.
وشدد السيد الناصري على ” أن جلالة الملك ، المهندس الحقيقي للسياسة الخارجية للبلاد ، ما فتئ ، منذ توليه العرش في عام 1999 ، يشتغل بطريقة دينامية ومتميزة من أجل إعادة تموقع المغرب في بيئته الإقليمية والقارية والعالمية، وذلك لجعله لاعبا مؤثرا وفاعلا ، منفتحا ومتألقا ، موحدا ومتكاملا “.
وسجل أن المغرب في إطار عمله الخارجي، مدعو باستمرار إلى إعادة النظر في طبيعة الأولويات وذلك في إطار مقاربة تعددية إزاء التحولات، مضيفا أن التكتيكات الدبلوماسية اليوم تتطلب من الفاعل استدعاء في آن واحد الاعتبارات الموضوعية والعاطفية والعقلانية من أجل المصلحة الوطنية لدولة عضو نشط في المجتمع الدولي تطمح بمشروعية إلى بلوغ أهدافها في تحقيق السلم والأمن والازدهار في احترام للمبادئ الرئيسية لهويتها الوطنية.
وأشار إلى ” أنه على الرغم من تجربته الدولية العريقة والنجاحات التي لا يمكن إنكارها لدبلوماسيته ، يبقى المغرب يواجه العديد من التحديات “، موضحا أنه على رأس هذه التحديات هناك التكريس النهائي للوحدة الترابية للبلاد.
وقال الناصري إنه ” بغض النظر عن التحديات الداخلية ، يتعين على الدبلوماسية مواجهة وعلى غرار دبلوماسيات أخرى ، العديد من الإكراهات والتحديات التي تفرضها الساحة الوطنية والدولية في عصر العولمة والذكاء الاصطناعي “، معتبرا أنه لتحقيق ذلك فإن الميزة الرئيسية للدبلوماسية المغربية تظل تكمن في الرؤية المتيصرة لجلالة الملك ، مما يمكن من العمل بوضوح وواقعية على كافة المستويات ولخدمة لجميع الأهداف المرجوة في مملكة مستقرة حيث تشكل السياسة الخارجية على الدوام محل توافق وطني “.
وجرى حفل تقديم وتوقيع الكتاب بحضور على الخصوص ، سليمان فال ، المستشار الخاص للرئيس ماكي سال ، ووزير الشؤون الخارجية السنغالي الأسبق ، شيخ تيديان غاديو ، ووزير الاقتصاد والمالية الأسبق، أمادو كان، وكاتب الدولة الأسبق، موازي سار، والعديد من الأكاديميين والأطر .