أقدمت مؤخرا بعضُ الأوساط في فرنسا على نشرِ ما يُفيد الدعوة إلى عقد “مؤتمر دولي حول قضية الصحراء”، في محاولةٍ يائسةٍ لخلط الأوراق وإرجاع هذا الملف إلى نقطة الصفر، بعد أن عرف مسلسل التقدم نحو حلِّه تطوراتٍ إيجابية في المرحلة الأخيرة، من خلال التحولات العميقة في مواقف عددٍ من البلدان المؤثِّــــرة بشكلٍ أساسي في هذا الموضوع، ويبدو جليًّا، اليوم، أنَّ هذه التطورات والتحولات لا تروقُ لبعض الأوساط ومَنْ يقفُ وراءها أو يستغلها بشكلٍ مكشوف.
وجاء في تصريح المكتب السياسي لحزب “التقدم والاشتراكية” بخصوص الدعوة المغرضة إلى “مؤتمر دولي حول الصحراء”، في سياق المناورات المُحاكة ضد بلادنا “إنَّ المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية يرفض، بقوة، هذا المنحى غير البريء، ويَعتبر المنشور المذكور، الذي يتزامن مع كل المبادرات المسيئة للمغرب، وكذا كل ما يمكن أن يأتي على إثره من خطواتٍ بنفس الاتجاه، مُـــندرجاً ضمن نهج الابتزاز ضد بلادنا المتشبثة بوحدتها الترابية، والمدافعة عن سيادتها ومصالحها الوطنية العليا، والساعية، طبقاً لذلك، إلى النسج الإرادي لعلاقاتٍ وشراكاتٍ متعددة ومتنوعة.
ويوضح التصريح “أنَّ هذا النزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية يستمر اليوم، منذ ما يُـــقارب خمسة عقود، وتؤدي ثَـــــمنَهُ غاليا شعوبُ المغرب الكبير، إنه نزاعٌ تَـــمَّـــــتْ محاولاتُ معالجته في مراحل مختلفة، وبأشكال متنوعة، دون تسجيلِ أيِّ تَقَدُّمٍ ملموس، إلى أن تَقَدَّمَ المغربُ بمقترح الحكم الذاتي الذي تَـــعتبره منظمةُ الأمم المتحدة حلاَّ جديًّا وذا مصداقية، والذي يحظى بدعمٍ واسعٍ ومُتنامي للمنتظم الدولي، كما يُعتبرُ هذا المقترح السبيلَ الأنسب لإيجاد حلٍّ سياسي نهائي ومقبول لهذا الملف”.
وشدد المكتب السياسي في تصريحه، أن الحزبَ يُعرب عن استغرابه العميق لهذه الدعوة المغرضة ل “مؤتمر دولي حول الصحراء” بهدفٍ واضحٍ يرمي إلى إخراج الملف من يد منظمة الأمم المتحدة، المتفردة حصريا بمعالجته، ويَعتبر أن الترويج لهذه الدعوة، بتزامنٍ مع الحملة التي تقوم بها بعضُ الأوساط، وخاصة في فرنسا، ضد المغرب، لن يُـــفضيَ سوى إلى هدم مسار الحل بتراكماته، في وقتٍ بدأت تلوح في الأفق معالمُ الطي النهائي لهذا النزاع المزمن”.
وأوضح المصدر ذاته، “كما أن مخاطر هذا الاقتراح البالي، الذي لم يساهم عبر التاريخ في حل أيِّ إشكالية دولية أو إقليمية، تـــكمنُ في إمكانية جَــــــرِّ المنطقة كلها، أي المغرب الكبير والساحل الإفريقي، ومعهما أوروبا، نحو تهديداتٍ أشد خطورة مما هو عليه الأمرُ حاليا”.
وأكد حزب التقدم والاشتراكية، أنه “إذ يشجب هذه المناورة البائسة والخلفيات التي تكمن وراءها، فإنه يدعو كافة القوى الوطنية إلى التحلي باليقظة العالية إزاء ما يمكن أن تؤول إليه مثلُ هذه الطروحاتُ، التي اتخذت اليوم صيغة مقال، ويُمكنُ أن تتحول مستقبلاً إلى شعارٍ مغلوط يرفعُهُ خصومُ بلادنا، وكلُّ من يُعاكِسُ مصالحنا الوطنية المشروعة ويستهدف استقلالية قرارنا الوطني”.
وعلى أساس ذلك، “يظل حزبُ التقدم والاشتراكية على يقينٍ في أنَّ مآل جميعِ المناورات التي تُحاكُ ضد المغرب هو التَّـــــحَطُّمُ على صخرة صمودِ بلادنا، وتلاحم شعبها، وعزيمة قواها الحية، وحيوية مؤسساتها الملتفة حول المؤسسة المَلَكية بمبادراتها الصامدة والمِقدامة على هذا المستوى، فالسلاحُ الأكثر موثوقية بالنسبة للمغرب، من أجل تحقيق الانتصار، وتعزيز موقعه، والارتقاء بمكانته، هو الإجماعُ الوطني القوي، والجبهة الداخلية المتينة، والتي من شأنها أن تزداد متانةً من خلال تعزيز المسار التنموي، وتقوية الاقتصاد الوطني، وإقرار العدالة الاجتماعية، وضمان شروط العيش الكريم لكافة المغاربة، وتوطيد البناء الديموقراطي”.