تستمر حالة الفساد العقاري الذي تعرفه مدينة البوغاز في كل ناحية منها، ويعاين سكان المدينة حالات وسوابق منها لم يسبق لها مثيل، وما يزال الاستيلاء على الأراضي من طرف مافيا العقار حديث السكان، حيث تمارس الخروقات القانونية الفظيعة التي تجري باسم القانون نفسه، وما ذلك إلا بسبب تواطؤ بعض المسؤولين بما فيهم المجالس البلدية والوكالة الحضرية ومصلحة مراقبة البناء في ولاية مدينة طنجة.
مناسبة هذا الكلام هو الجدل الكبير الذي تفجر مؤخرا في طنجة إثر تردد أنباء عن تفويت وعاء عقاري لأحد المنتخبين من أجل إقامة مشروع عقاري فوقه، بعد أن كان مخصصا لمنطقة اقتصادية بمنطقة العوامة.
وبحسب مصادر متطابقة، فإن الأمر يتعلق بوعاء عقاري، كان من المقرر أن يحتضن مشروع منطقة اقتصادية، قبل أن تروج أخبار بتحويل المشروع إلى ورش عقاري بطريقة وصفت بأنها “مثيرة”.
و الخطير في الأمر، هو أن هذا المشروع جاء بمبادرة ملكية و تم التأشير عليه عقب فاجعة معمل طنجة الناجمة عن السيول، من أجل القطع نهائيا مع المعامل السرية المنتشرة بعدد من أحياء طنجة والتي لا تحترم فيها أدنى معايير شروط السلامة.
وقد اختارت وكالة تنمية أقاليم الشمال الوعاء المذكور، لإنشاء المشروع الملكي الهادف لإعادة هيكلة وتنظيم قطاع النسيج خاصة بالجهة الذي يشغل يد عاملة كبيرة، خصوصا مع تنامي ظاهرة إنشاء معامل سرية للنسيج والأنشطة الموازية وسط الأحياء.
يذكر أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أعلن في وقت سابق عن استراتيجية جديدة لتعامل الدولة مع المستثمرين الراغبين في الحصول على أراضي الدولة المحيطة بالمدن المغربية لإقامة مشاريعهم الاستثمارية.
وقال لفتيت، في لقاء نظمه الاتحاد العام لمقاولات المغرب بالدار البيضاء، إن معظم الأراضي التي كانت تفوت في السابق كانت توجه لمشاريع عقارية صرفة.
وأكد وزير الداخلية أمام كبار رجال الأعمال المغاربة أن “جميع أراضي الدولة التي تتواجد بمحيط المدن المغربية سينحصر تفويتها لاستثمارات منتجة، وليس لاستثمارات عقارية، عكس ما كان معمولا به طوال السنوات الماضية”.
كما أعلن لفتيت أن “المراكز الجهوية للاستثمار لن تمنح من الآن فصاعدا الرخص الاستثنائية للمنعشين العقاريين، وسينحصر دورها في منح الرخص الخاصة بالمقاولات، ومعالجة ملفات الاستثمار في أقصر وقت”.
واليوم لا حديث داخل أوساط ساكنة طنجة إلا عن الطريقة التي استعملها ممثل الأمة في الحصول على هذا الوعاء العقاري ؟
ذلك مثال من بين كثير من الأمثلة التي تطرح للمسؤولين وغير المسؤولين مأساة حقيقية تعيشها مدينة طنجة هذه الأيام، مأساة تحز في أنفس السكان وتستفز مشاعرهم المتعلقة بمدينتهم التي يحبونها، إلا أن أحدا منهم لا يستطيع فعل شيء، إذ كيف يمكن فعل شيء إذا اجتمعت سلطة المال التي يمتلكها اللوبي العقاري مع تواطؤ بعض المسؤولين، ذلك ما يجعل الأمر في غاية التعقيد والصعوبة، وما يهدد بمزيد من الخطر !