في الوقت الذي تسعى الجارة الجزائر إلى الدخول لمجموعة “بيركس”، وكذلك سعيها الواضح في عرقلة حلحلة النزاع في الصحراء المغربية، من خلال التشويش والإزعاج المتواصلان، يمضي المغرب في تقوية علاقاته مع أصدقائه بإفريقيا، ومواصلة البحث عن مصلحة القارة من خلال بناء تحالفات جديدة تعود بالنفع على الجميع.
ويبدو أن الجزائر بدأت تشعر بالوحدة والعزلة في القارة الإفريقية، خصوصا بعد إعلان وزيرة الخارجية الجنوب إفريقية عن رغبة المغرب للدخول إلى مجموعة “بريكس”.
ومن الواضح أن دولة جنوب إفريقيا، اقتنعت بأهمية المغرب ومكانته وجديته التي أكد عليها جلالة الملك، حيث بدأت تغير من لهجتها تجاه المملكة، وأصبحت تدرك أنها يجب أن تسعى نحو تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين.
وذلك ما تأكد حينما أعرب فضل نصير الدين، رئيس مديرية شمال ووسط إفريقيا بوزارة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب إفريقيا، باسم رئيس الجمهورية سيريل رامافوزا وحكومة وشعب جنوب إفريقيا، عن تهانيه الحارة والصادقة لجلالة الملك محمد السادس وكذلك لحكومة وشعب المملكة المغربية بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الـ24 لتولي الملك عرش أسلافه الميامين.
وقال بالمناسبة “يمكن لجنوب إفريقيا والمغرب، وهما من أكبر المستثمرين في إفريقيا، أن يلعبا دورا مهما في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لتحسين التجارة البينية بشكل كبير” مشيرا إلى “وجود إمكانيات عديدة لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك”.
وتعتبر هذه إشارات واضحة من جنوب إفريقيا للدخول في عهد جديد مع المملكة المغربية، كون البلدين يشتركان في تاريخ طويل حيث كانا دائما يعتبران لاعبين رئيسيين في بناء إمكانات إفريقيا، وفق ما عبر عنه السفير المغربي ببريتوريا الجنوب إفريقية، يوسف عمراني.
دور المغرب في إفريقيا
وفي هذا السياق قال الحسين كنون “إن ما صدر عن ممثل دبلوماسي في الحكومة الجنوب إفريقية تجاه المملكة المغربية يبين أن جنوب إفريقيا ومؤسستها الدستورية رئاسة وحكومة وشعبا وفاعلين اقتصاديين وسياسيين أدركت أن مصلحة إفريقيا ككل هي في مصلحة جنوب إفريقيا والمملكة المغربية”.
وأضاف ذات المتحدث ضمن تصريح لجريدة “المغرب 24” الإلكترونية “جنوب إفريقيا تعتبر دولة صاعدة وقوية ومستثمرة في إفريقيا على مستوى الجنوب، بمقابل ذلك تمثل المملكة المغربية الدولة الرائدة والصاعدة والمستثمرة الثانية في إفريقيا والأولى في غرب إفريقيا والمتواجدة في الشمال الإفريقي”.
وأكد المحلل السياسي أنه إذا “عملتا الدولتين على ربط أواصر التعاون والتآزر والتعاضد وتبادل الخبرات على مستوى العمل الاستخبراتي والتجاري والثقافي والرياضي والبحث العلمي بكل تأكيد أن بإمكان الدول الأخرى وسط إفريقيا وغربها وشرقها أن تعمل كل من جانيها على تطور إفريقيا والرفع من قدراتها لتتحول إلى قارة منتجة للخيرات الاقتصادية بدلا أن تبقى قارة مستهلكة”.
وتابع الحسين كنون في تصريحه للجريدة بالتأكيد على أن “جنوب إفريقيا أدركت الدور المحري الذي أصبحت تلعبه المملكة المغربية في إفريقيا، بعدما أصبحت دولة موثوق بها، ودولة تحضى بالأمن والأمان والإستقرار، لها موقع جيو ستراتيجي، ولها صمام أمان متمثل في المؤسسة الملكية الضامنة لضمان الدولة واستمرارها”.
وقال “وكذلك أدركت جنوب إفريقيا أن المغرب نَوعَ شراكاته دخل الاتحاد الإفريقي ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومجموعة فيلز كراد وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول الكرايبي وأمريكا اللاتنية، وجنوب إفريقيا تدرك هذا الأمر جيدا”.
نحو تكامل ومصلحة
وقال في نفس السياق إن “جنوب إفريقيا أدركت أن مصلحتها ومصلحة شعبها وتنميتها هي مع المغرب لتتكامل الدولتان، باعتبرارهما دولتان رائدتان ومن شأن تقاربهما وتعاونهما أن يخلق الثروة والخيرات الاقتصادية مما سيعود بالنتيجة والمحصلة على الشعوب الإفريقية بالتنمية، ومحاربة الهدر المدرسي ومحاربة التطرف والجريمة العابرة للقارات على مستوى الساحل والصحراء”.
وأكد كنون أن “المغرب وجنوب إفريقيا، إذا توحدتا سويا في التبادلل التجاري، وتطبيق أحكام التجارة الحرة، وتبادرل الخبرات على جميع روافده، بكل تأكيد ستدفع الدول الإفريقية في التمسك بهذه الدولتين، ونسج كل العلاقات التي من شأنها أن تخلق الثروة والتشغيل، واستتباب السلم والأمن في بعض الدول التي تعاني من اهتزازات سياسية وعدم استقرار في الأنظمة السياسية”.
وقال “حان الوقت على جنوب إفريقيا أن تلتقط الرسالة التي وردت في كل مرة في خُطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بالنداء إلى كل الأشقاء الأفارقة وشركاء المغرب الكلاسيكيين والحديثين بالتعاون والتآزر لأن الدعوة إلى الوصول إلى الأمن القومي الإفريقي والأمن الطاقي والغذائي والروحي، لا يمكن أن يتأتى لإفريقيا إلا عن طريق سواعد رجالها وشبابها وشعوبها”.
وخلص بالقول، إن “المغرب وجنوب إفريقيا قادرتان على أن يكونا بمثابة القاطرة، التي ستدفع بكل موضوعية، نحو السلم والسلام، والتنمية لهذه القارة، حتى تتحول إلى قارة منتجة ولها من الخيرات الطبيعية ما يؤهلها أن تكون كلك، خاصة وأن العالم ينظر إليها كونها هي سلة الغذاء العالمي المستقبلي، كونها لا زالت بكر وكما قال جلالة الملك، “إفريقيا يجب أن تعتمد على نفسها”، وآمل أن يتم أجرة هذه التصريحات على أرض الواقع مما يخدم التنمية والشعوب الإفريقية”.