شكلت تحديات الهجرة بحوض البحر الأبيض المتوسط، اليوم السبت بطنجة، محور جلسة مناقشة ضمن فعاليات المؤتمر الخامس والعشرين لنوادي “ليونز كلوب” بالمتوسط.
وأبرز الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط محمد حركات ، في عرض بعنوان “حكامة الهجرة بالمتوسط”، خلال جلسة النقاش “المهاجرون في المتوسط”، أهمية ضمان نظام حكامة استراتيجي للحد من الآثار السلبية لظاهرة الهجرة، وإعطاء معنى للتحليل النقدي لهذا الموضوع.
في هذا السياق، تطرق الأكاديمي إلى دور الدول ونظام الحكامة العالمي للهجرة ودور مختلف الفاعلين في تحسين وضعية المهاجرين، مبرزا أن الهجرة تجلب حوالي 150 مليار دولار للسنة كعائدات، وإن كانت مكلفة أكثر من الناحية الإنسانية.
وتطرق حركات إلى السياق العالمي المحفز على الهجرة، والمتسم بالركود وارتفاع البطالة وانخفاض الإنتاج وظهور سلع اقتصادية جديدة من قبيل الصحة والتغذية والتغيرات المناخية واقتصاد المعرفة، مشددا على ضرورة تبني رؤية استراتيجية جديدة قائمة على المقاربة الإنسانية في مجال الهجرة، مع تعزيز التواصل حول هذه القضية الاجتماعية .
في هذا الإطار، دعا إلى التفكير في السبل الملموسة والحلول العملية لتحديد دور الدولة في تدبير تدفقات الهجرة، مبرزا أهمية الإدماج الاقتصادي للمهاجرين، وإطلاق تفكير معمق حول الظاهرة، لوضع استراتيجية جديدة للحد من ظاهرة الهجرة في بعدها السلبي .
من جهته، توقف رئيس منطقة ليونز 414 بتونس، سامي زيتوني، عند قضية اللاجئين بحوض المتوسط، داعيا إلى إيجاد حلول فعالة تشجع على تدخل نوادي “ليونز كلوب” وتقوية التعاون بين ضفتي المتوسط لمواجهة هذه الآفة.
وأشار زيتوني إلى أنه خلال الفصل الأول من عام 2022 فقط، عبر أكثر من 18 ألف مهاجر ولاجئ البحر الأبيض المتوسط في اتجاه أوروبا، مسجلا أن حوالي 2,3 مليون مهاجر قاموا بعبور مختلف المسارات بالمتوسط خلال الثماني سنوات الأخيرة.
وأكد أن نوادي “ليونز كلوب” بشمال الحوض المتوسطي مدعوة إلى التواصل مع الهيئات الدولية المعنية واقتراح إنشاء صناديق لمكافحة ظاهرة الهجرة السرية، والتعاون مع أندية ليونز بجنوب المتوسط لتنظيم مبادرات مشتركة بهذا الصدد.
أما رئيس الجمعية المغربية للدراسات والأبحاث حول الهجرات، محمد الخشاني، فقد قدم عرضا حول “سياق الهجرة بالفضاء الأورو-متوسطي : من أجل تدبير منسق للتدفقات”، والذي أبرز من خلاله أن عدد المواطنين غير الأوروبيين بالاتحاد الأوروبي بلغ 24 مليون فرد بتاريخ 1 يناير 2021، أي ما يعادل 5 في المائة من السكان، مبرزا أن أكثر البلدان الأوروبية استقبالا للمهاجرين هي ألمانيا (15,8 مليون شخص)، ثم المملكة المتحدة (9,36 مليون شخص)، وفرنسا (8,52 مليون شخص)، ثم إيطاليا (6,39 مليون شخص)، فإسبانيا (أكثر من 6 ملايين شخص).
واعتبر الخشاني، الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن العوامل التي تؤثر على الهجرة، ويتعلق الأمر بانزلاقات سياسة الهجرة القائمة على التدابير التقييدية، وقلة القنوات الشرعية التي تحفز على العمل خارج إطار القانون، والتحدي الديموغرافي، وتطور “تجارة الوهم”، وخسارة الأرباح لدى الدول المستقبلة للهجرة، والكلفة من حيث الأرواح البشرية، مبرزا أهمية تعزيز الاندماج الاقتصادي للمهاجرين والبحث عن حلول مشتركة وشاملة لظاهرة الهجرة.
من جانبه، تطرق كلود ميرمي، من منطقة ليونز 103 فرنسا، إلى الصعوبات التي تواجهها بلدان المتوسط في مجال تدبير تدفق الهجرة، لافتا إلى أن هذه البلدان ستواجه في المستقبل شكلا جديدا من الهجرة يتمثل في الهجرة المناخية، والتي تتطلب تضافر جهود بلدان المتوسط وتشجيع الاستثمارات في البلدان المصدرة للهجرة.
وأشاد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بجهود نوادي “ليونز كلوب” الدولية ومختلف الشركاء في مجال تطوير الشراكات من أجل زيادة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمجتمعات.
ويعرف هذا المؤتمر، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من قبل “ليونز كلوب الدولي” و”ليونز كلوب المقاطعة 416 المغرب”، تحت شعار “الرهانات والقضايا الملحة بحوض البحر الأبيض المتوسط في القرن 21″، مشاركة حوالي 300 عضو “ليونز” من أكثر من 25 بلدا.
ويروم المؤتمر تشجيع الصداقة والتفاهم المتبادل بين نوادي “ليونز” ببلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، ومقارنة تجارب النوادي ومناقشة عدد من القضايا الراهنة ذات الصلة بمجالات اهتمام هذه الجمعية، وإنجاز أنشطة جماعية، والتداول في القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتسعى نوادي “ليونز” بحوض المتوسط، من خلال هذا المؤتمر الذي ينعقد في أرض مغربية وفي جو حميمي ومتضامن، إلى تقوية الروابط القائمة بينها سلفا، ونسج علاقات جديدة بهدف توسيع نطاقات اشتغالها وتشجيع ظهور شبكة أكثر فعالية وكفاءة، والتي يقدم من خلالها كل فرد خبرته وتجربته وإيثاره وحيويته.