دخلت العلاقات الجزائرية التركية في مرحلة من التوتر الشديد بعد أن استقبل النظام الجزائري نشطاء انفصاليين أكراد يدعمون استقلال إقليم كردستان بمخيمات تندوف الخاضعة لسيطرة جبهة ال”بوليساريو” الوهمية، التي تقع تحت الولاية القضائية للسلطات الجزائرية، بداية يناير الجاري.
وقد أثارت هذه الخطوة العديد من التساؤلات، خاصة أنها جاءت بعد أسابيع قليلة من سقوط نظام الرئيس السوري “بشار الأسد”، الأمر الذي طرحت معه أكثر من علامة استفهام عريضة بخصوص هذه المبادرة التي أقدمت عليها الجزائر.
تجدر الإشارة إلى أن تركيا تعتبر الحركات الكردية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني، منظمات “إرهابية” وتتبنى موقفًا حازمًا ضدها، كما ترفض تركيا إقامة دولة كردية أو حتى تمتع الأكراد بحكم ذاتي في سوريا، مما دفعها للقيام بعمليات عسكرية مكثفة في مناطق تمركز الأكراد، سواء في سوريا أو العراق.
وفي هذا السياق، أفادت تقارير إعلامية أن النشطاء الأكراد الذين استضفهم زعيم جبهة “بوليساريو” الوهمية إبراهيم غالي، إلى جانب الناشطة السويدية غريتا شونبرغ، المعروفة بدفاعها المستمر عن قضايا الأكراد، قاموا برفع علم “روجافا” الذي يرمز إلى الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا مع رفع خرقة الجبهة الوهمية.
في الوقت الذي شهدت فيه العلاقات بين تركيا والجزائر تطوراً استراتيجياً خلال الفترة الماضية، تجسد ذلك في الإعلان عن استثمارات ضخمة لأنقرة في الجزائر، طرحت تساؤلات عديدة حول دوافع هذه الخطوة التي أثارت غضب الأتراك.
ويعتقد بعض المحللين أن الجزائر قد تكون سعت للرد على التقارب بين تركيا والمجلس العسكري الحاكم في مالي، خصوصاً بعد أن دخلت علاقات الجزائر مع هذا المجلس في مرحلة من التوتر.
من جهة أخرى، يرى البعض الآخر أن هذه الخطوة قد تكون بمثابة رد من الجزائر على التقارب المتزايد بين الرباط وأنقرة.
من جانبها، سارعَت سفارة الجزائر في أنقرة إلى إصدار بيان نفت فيه أي علاقة لها باستدعاء أعضاء من حزب العمال الكردستاني التركي، الذي تُصنفه الحكومة التركية كتنظيم إرهابي، بالإضافة إلى أعضاء من تنظيم “YPG” الذين مثلوا الأكراد السوريين في اللقاء الذي نظمته جبهة الوهم في مخيمات تندوف.
كما نشرت الصحف التركية صورًا توثق تواجد ممثلي حزب العمال الكردستاني في تندوف، وهم يحملون أعلام الـ”PKK” إلى جانب العلم الوهمي للجبهة .
وهاجم الإعلام التركي الجزاىر، حيث قالت صحيفة “دايلي صباح” الموالية للحكومة، أن هذا الإستقبال للإنفصاليين الاكراد بالتراب الجزائري، يُعد دعماً لكيانات تصنفها أنقرة على أنها “إرهابية”، مثل حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب.
في هذا السياق، أكد مهتمون، أن استضافة هذه العناصر الانفصالية الكردية داخل الأراضي الجزائرية تحمل رسائل سياسية موجهة إلى كل من تركيا وسوريا، اللتين تواجهان تحديات أمنية كبيرة نتيجة الحركات المسلحة الكردية.
ويشددون على أن فتح مخيمات تندوف أمام الحركات الانفصالية من مختلف أنحاء العالم لتعزيز تنسيقها يعد جزءاً من استراتيجية الجزائر التي تقوم على تغذية النزعات الانفصالية وخلق تحالفات مع فاعلين غير حكوميين، بهدف تعزيز نفوذها الإقليمي، حتى وإن كان ذلك على حساب أمن واستقرار الدول الوطنية.
وكانت الجبهة الوهمية قد استقبلت بالتراب الجزائري، وفداً من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في مخيمات تندوف بين 4 و7 يناير، وأثارت هذه الواقعة انتقادات حادة في الإعلام التركي، وصفتها بعض الصحف بأنها تحدٍ صريح من الجزائر لأنقرة.
إلى ذلك تعتبر تركيا، ان أي دعم أو اعتراف بحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية تهديداً مباشراً لأمنها القومي.