سلطت جائحة كورونا، التي أصابت العالم بشلل تام لقرابة 3 سنوات، سلطت الضوء على أهمية ابتكار آليات علمية تنذر بالأوبئة والجوائح، التي ربما تصيب العالم في المستقبل.
ولا شك أن العالم سيواجه ظهور جائحات جديدة في المستقبل، بعد انحسار جائحة كورونا، حيث إن المسألة مجرد وقت، وفقا لتوقعات مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
فبحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام، فإن مدير المنظمة العالمية دعا البشر إلى الاستعداد لمواجهة المرض الخطير القادم دون ذعر أو إهمال، مشيراً إلى أن ما يقلق العلماء حاليا سؤال واحد.. “متى سيحدث هذا؟”.
وفي هذا الشأن يقوم علماء في فنلندا بصياغة “سيناريو خيالي للغاية” للمساعدة في فهم كيفية انتشار مسببات الأمراض، بهدف الكشف عن رؤى تساعد في الاستعداد للأوبئة المستقبلية.
وقام فريق من “جامعة آلتو”، بقيادة عالمة الرياضيات باولينا إلمونين، بإجراء نماذج لما يعرف بـ”انتفاضة الزومبي”، وتغيير المعايير لتحديد كيفية ظهور “وباء الموتى الأحياء” في جميع أنحاء فنلندا. وعلى الرغم من أن النتائج الكاملة لم تُنشر بعد، إلا أن عمليات المحاكاة بدأت بالفعل في تقديم بعض الأفكار.
فبحسب ما ورد في موقع “ساينس أليرت” Science Alert، فعلى سبيل المثال، فإن النافذة الزمنية لاحتواء انتشار الزومبي ضيقة جدا.
فمع وجود زومبي واحد فقط في هلسنكي، سنحتاج إلى التصرف في غضون 7 ساعات فقط من خلال تدمير العميل “المصاب” أو فرض الحجر الصحي على المدينة. ويقول الباحثون إنه بعد ذلك، يصبح اجتياح الزومبي للبلاد بأكملها أمرا لا مفر منه.
وتقول إلمونين: “لم يكن من المفترض أن أجد الأمر مفاجئا، لكنني فوجئت بمدى سرعة رد فعلنا لإبقاء سكاننا على قيد الحياة. لقد جعلني أفكر في القضايا الأخلاقية مثل حقوق الأفراد مقابل حقوق السكان”.
ولا تعد عملية استخدام سيناريوهات خيالية لفهم كيفية انتشار الأوبئة فكرة جديدة تماما. وعلى سبيل المثال، فقد تم استخدام الزومبي لإشراك طلاب الطب في دراسات علم الأوبئة، بالإضافة إلى تخصصات أخرى، مثل الرياضيات.
وكما اكتسب الخلل الذي انتشر من خلال لعبة World of Warcraft متعددة اللاعبين في عام 2005، اهتماما عالميا من علماء الأوبئة للطريقة التي بدت بها نموذجا لانتشار الوباء في العالم الحقيقي. واستُخدمت لعبة فيديو المحاكاة Plague Inc، كأداة لدراسة جائحة كوفيد-19.
ولكن من الصعب تصميم مثل هذه المحاكاة التي تعمل بطريقة واقعية.
ويقول عالم الرياضيات لوري فيتاساري، من “جامعة أوبسالا”: “ما هو الاحتمال الصحيح لفوز الإنسان في مواجهة مع زومبي؟ المشكلة هي أننا نسير هنا عميانا، لأن البيانات الحقيقية حول مثل هذه الأسئلة محدودة للغاية”.
وتضيف عالمة الرياضيات ناتاليا فيسيلينوفا، من “جامعة آلتو”: “إن العدد الكبير من التفاعلات بين الإنسان والزومبي التي يجب محاكاتها، يجعل هذا النموذج مكثفا من الناحية الحسابية”. وكان الحل هو تبسيط النموذج بحيث يمكن تشغيله بطاقة أقل، مع الاستمرار في تقديم نتائج واقعية.
والآن، وبعد أن أظهر الفريق أن عمليات المحاكاة الخاصة بهم تعمل، يقول إنه يمكن تكييفها لمناطق أخرى من العالم، وحتى لسيناريوهات أخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدامه لدراسة كيفية انتشار الشائعات والقيل والقال، أو انتشار المعلومات المضللة الخطيرة.