ارتفعت وتيرة قضايا الفساد على صعيد محاكم المملكة خلال الأشهر الأخيرة، مما يطرح علامات استفهام كثيرة حول مسؤولية الحكومة ومؤسسات الرقابة في التصدي لظاهرة الفساد، التي لها انعكاسات سلبية على التنمية في البلاد وكسب ثقة المستثمرين الأجانب، وأبناء الجالية المغربية بالخارج، وبالتالي، إلى أين تسير البلاد في ظل تفشي ثقافة الفساد لدى بعض البرلمانيين وبعض رؤساء الجماعات والمنتخبين ومسؤولين في مؤسسات عمومية؟
ورغم أن المغرب خرج في الأشهر الأخيرة من اللائحة الرمادية لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلا أن مجموعة من التقارير الدولية تؤكد أنه ما يزال يعاني انتشار الفساد، وهو ما يؤثر على السمعة الدولية للمملكة، ويحرمها من فرص تنموية.
وتعتبر مؤشرات انتشار جرائم الأموال والفساد والرشوة، من أهم العوامل التي تثير الريبة والخوف في نفوس المستثمرين الأجانب، الراغبين في الاستقرار في المغرب، إذ أن هذه الظواهر تؤثر على المنافسة، ما يخيفهم.
وبالعودة إلى المؤشرات الدولية في ما يتعلق بمكانة المغرب في محاربة غسل الأموال، فإن مؤشر بازل وضعه في الرتبة 103 عالميا من أصل 147 بلدا، بـ 4.69 نقط من أصل عشر.
وشهد المغرب تقدما ملموسا في مكافحة جرائم الأموال، إذ أقر المؤشر بتقدمه بـ 39 رتبة في تصنيف السنة الماضية، بعدما جاء في الرتبة 64 في 2022.
ووضع مؤشر بازل لـ 2023 المغرب في خانة الدول ذات المخاطر المتوسطة، برصيد نقاط قدره 5.16 من أصل 10، وهو ما منحه الرتبة الرابعة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وراء إسرائيل وتونس ومالطا.
ولم تعد محاربة جرائم الأموال بالنسبة إلى المغرب ترفا، إذ من أجل الحصول على قروض، والانخراط في مشاريع مع البنك الدولي والصنادق الاستثمارية الدولية، يفرض عليه تحسين مستواه في هذا الجانب.
وقررت مجموعة العمل المالي (GAFI)، بإجماع أعضائها، قبل أشهر خروج المملكة من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـ “اللائحة الرمادية”، بعد تقييم مسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، منذ اعتماد خطة العمل الخاصة بالمملكة المغربية من قبل هذه المجموعة في فبراير 2021.
وجاء قرار مجموعة العمل المالي، بعد الخلاصات الإيجابية التي ضمنها خبراء المجموعة في تقريرهم أثناء الزيارة الميدانية، التي قاموا بها إلى المغرب ما بين 16 يناير و18 منه العام الماضي.
وثمن التقرير الذي بموجبه غادر المغرب اللائحة الرمادية، الالتزام السياسي للمملكة في ملاءمة المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مع المعايير الدولية، ووفائها التام بكل التزاماتها في الآجال المحددة.
وقالت الحكومة في بيان لها لمناسبة خروج المغرب من اللائحة الرمادية، إن هذا الأمر يعتبر تتويجا للجهود والإجراءات الاستباقية المتخذة من قبل المملكة المغربية تنفيذا للتوجيهات الملكية، إذ شملت عددا من الإجراءات التشريعية والتنظيمية والتدابير التحسيسية والرقابية، التي حرصت على تنزيلها مختلف السلطات والمؤسسات الوطنية المعنية، بتنسيق من الهيأة الوطنية للمعلومات المالية، وبشراكة مع الأشخاص الخاضعين والقطاع الخاص