اعتبر مدير البرامج بمرصد العمل الحكومي علي الغنبوري، في تصريحه لـجريدة “المغرب 24” خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، بمثابة تأكيد على أن المغرب هو قوة استقرار و تنمية في محيطه القاري، و ما يسعى إليه يتجاوز تحقيق التنمية داخل حدوده الترابية، بل يمتد إلى محيطه القاري، فالمغرب مقتنع ان التنمية هي الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والنماء في أفريقيا،و مشروع المغرب يقوم على هذا التوجه، فالمغرب يعلم جيدا ان استقراره لا يتوقف فقط على التنمية الداخلية بل التنمية في كل الفضاء القاري، و هذا ما يميز أجندة المغرب عن باقي الاجندات داخل افريقيا التي تسعى الى الدمار و الفوضى.
وفي هذا الصدد أشار الغنبوري، إلى أن الخطاب الملكي جاء ليؤكد على أهمية الفضاء الأطلسي داخل القارة الافريقية، باعتباره حزاما قاريا قادرا على التطور والنماء وخلق شروط الاستقرار في كل القارة الافريقية، و الانفتاح نحو القارة الأمريكية بشمالها وجنوبها، باعتبار التطور الهائل الذي تشهده مجموعة من اقتصادات دولها خارج الشمال الامريكي، مثل البرازيل و المكسيك و غيرها من الدول الامريكية ،هذا بالإضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها أكبر اقتصاد في العالم فالدول الإفريقية الـ 23 المطلة على المحيط الأطلسي تمثل 46 في المائة من سكان إفريقيا، كما أن هذا الفضاء يتركز فيه 55 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي، واقتصاداته تحقق 57 في المائة من التجارة القارية، و هو ما يجعل منه اليوم احد اهم المناطق جدبا لانظار العالم.
وقال الغنبوري، إن خطاب جلالة الملك ينطلق أولا من التراكم الذي خلقه المغرب داخل القارة الافريقية، ومن الثقة التي يحظى بها من دولها وخاصة الواجهة الأطلسي، علما أن المغرب احتضن سنة 2022 الاجتماع الوزاري الأول للدول الافريقية المطلة على المحيط الأطلسي، التي اجمعت على قدرة المغرب على قيادة هذا المشروع التكاملي الضخم، وينطلق ثانيا من الانجازات التنموية الكبيرة التي بات يحققها المغرب، حيث رسم جلاته ملامح التوجهات الاقتصادية و التنموية التي سيمضي فيها المغرب، و التي حددها في تطوير التنقيب داخل السواحل الأطلسية، و مشاريع تحلية مياه البحر لتطوير الزراعة، و تطوير السياحة، و المضي قدما في رفع القدرات الطاقية المتجددة و تنمية انشطة الصيد البحري، و هو ما يشكل نموذجا تنمويا متكاملا، سيمنح المغرب القدرة على إسناد كافة المشاريع و التوجهات التنموية داخل المنطقة الافريقية المتوسطية.
وفي ذات السياق، أشار هذا الأخير، إلى أن جلالة الملك يؤكد في خطابه كذلك أن تطوير الواجهة الافريقية الاطلسية ليس بغرض خلق جدار للفصل عن باقي العمق الفريقي، بل بالعكس فهو يضعها كواجهة تنموية للقارة الافريقية، و هو ما أكد عليه من خلال طرح مبادرته لتمكين دول الساحل من النفاذ الى هذه الواجهة و الاستفادة من الامكانيات التي توفرها سواء في التجارة أو التنمية بشكل عام، فدولة مثل النيجر مثلا الغنية بالذهب واليورانيوم سيكون من الهائل بالنسبة لها أن تفتح في وجهها الواجهة الأطلسية لتنمية وتنويع شراكاتها الاقتصادية والتجارية ما سيساهم بلا شك في التنمية والنماء داخلها والنفع الكبير على شعبها، وما سيخلق شروط الاستقرار بالمنطقة باكملها، باعتبار ان التنمية هي المحدد الابرز لخلق شروط الاستقرار.
وأكد مدير البرامج بمرصد العمل الحكومي علي الغنبوري، أن خطاب جلالة الملك اليوم، هو تمييز حقيقي بين توجهين داخل افريقيا، توجه يسعى إلى التنمية و الاستقرار من خلال التكامل بين مختلف شعوب ودول القارة و توظيف الامكانيات التي تزخر بها في خدمة التطور و الرفاهية، و بين توجه آخر يسعى إلى الهيمنة و التخريب و نشر الفوضى، و إبقاء القارة في منطق متجاوز لم يساهم الا في تخلفها و تعاسة شعوبها.