في خطوة تعكس التطور المستمر للبحث العلمي في خدمة الزراعة المستدامة بالمغرب، أصدر الدكتور رشيد مصدق، الباحث البارز في المعهد الوطني للبحث الزراعي، مؤلفًا علميًا مرجعيًا يتناول موضوع الزراعة الحافظة بعنوان “اعتماد مليون هكتار من الزرع المباشر في أفق 2023”. يمثل هذا الكتاب ركيزة علمية أساسية ضمن استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، حيث يهدف إلى تقديم إطار شامل للمبادئ والممارسات المتعلقة بهذا النظام الزراعي الرائد، مع التركيز على الحلول العملية للتحديات المرتبطة بتطبيقه.
المؤلف يقدم رؤية عميقة حول الزراعة الحافظة، مسلطًا الضوء على أهميتها كأداة استراتيجية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية التي تواجه المغرب، وخاصة المناطق الجافة وشبه الجافة. ويبرز الكتاب الفوائد العديدة التي يتيحها هذا النظام الزراعي من حيث تحسين خصوبة التربة، وتقليل التعرية، وخفض استهلاك المياه والطاقة، مع تحقيق إنتاجية زراعية مستدامة. كما يتناول الصعوبات التي قد تواجه المزارعين، مثل التكلفة الأولية للمعدات، وصعوبة تغيير النظم الزراعية التقليدية، لكنه يقدم حلولًا مبتكرة تركز على دعم المزارعين، وتوفير المعدات الحديثة، وتعزيز التعاون بين الباحثين والمرشدين الزراعيين لضمان نجاح تطبيق هذا النظام.
الكتاب لا يقتصر على الجانب النظري، بل يتميز بتقديمه دليلًا عمليًا واضحًا للمزارعين والباحثين والمرشدين الزراعيين، حيث يعرض الخطوات الدقيقة والممارسات المثلى لتبني نظام الزراعة الحافظة، إضافة إلى شرح المعدات والتقنيات المطلوبة لإنجاح عملية التحول. كما يُظهر الكتاب انسجام الزراعة الحافظة مع الأهداف الكبرى لاستراتيجية “الجيل الأخضر”، خاصة فيما يتعلق بمواجهة التغيرات المناخية وتعزيز الأمن الغذائي من خلال نظم زراعية مرنة ومستدامة.
الدكتور رشيد مصدق الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا ، الذي يُعد من رواد البحث العلمي في مجال الزراعة الحافظة بالمغرب، يعكس من خلال هذا المؤلف سنوات طويلة من الخبرة والبحث العلمي الميداني. فقد ساهمت أبحاثه ومنشوراته العلمية في توجيه الأنظار نحو أهمية الانتقال من الزراعة التقليدية إلى نظم زراعية أكثر استدامة، ما أكسبه مكانة مرموقة على الصعيدين الوطني والدولي.
هذا الكتاب يُعد رسالة علمية وتطبيقية موجهة إلى كافة الفاعلين في القطاع الزراعي، من مزارعين وباحثين ومرشدين وصناع قرار، لتحفيزهم على تبني هذا النهج الزراعي الفريد الذي يحمي الموارد الطبيعية ويضمن استدامة الإنتاج الزراعي. إنه دعوة صريحة لتغيير المفاهيم التقليدية وتبني رؤية مستقبلية تجعل من الزراعة الحافظة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة بالمغرب.