ثمانية أيام مرت كأنها دهر، اختفى فيها سائح إسباني على أرض الجزائر، تاركا خلفه سؤالا مريرا يتردد في كل مكان: أين الحماية؟ كيف تغيب الدولة حين يسرق الإرهاب روح الطمأنينة من أرضها؟
الجماعة التي اختطفته لم تكن تختبئ في الظلال، بل سارت بمركبتها عبر المسافات الشاسعة، عبرت الحدود نحو مالي، وكأن لا جيش هناك، وكأن الأرض بلا حارس ولا عين ساهرة.
في كل بقعة من العالم، عندما تقع مأساة بهذا الحجم، تتحرك السلطات، تُعلن، تُهدّئ المخاوف، تُلاحق الجناة. إلا في الجزائر، حيث الصمت هو اللغة الوحيدة، وحيث الحادثة تغرق في ظلال الإنكار الرسمي والتعتيم الإعلامي؛ سائح يُختطف، وحكومة تختبئ خلف ستار الصمت، وكأن الدماء التي تسيل لا تعنيها.
في إحدى تلك المناطق الجبلية بجنوب الجزائر، حيث تبدو الطبيعة شاهدة على كل شيء، وقع الحدث، سيارة دفع رباعي تقل إرهابيين أوقفوا السياح، انتزعوا ضحيتهم الإسبانية، وأكملوا طريقهم نحو الحدود وكأن المشهد برمته جزء من فيلم سينمائي يعكس واقعا مظلما. هناك، في جبال “أسكرم”، كانت الصحراء شاهدة على هزيمة الصمت أمام صوت الإرهاب.
ولكن هل كان هذا الحادث مجرد مصادفة؟ أم أنه جزء من سلسلة مآس تروي قصة الفوضى الأمنية؟ التاريخ يعيد نفسه، يعيد لنا ذكرى تلك الليلة الدامية في “تيقنتورين”، عندما انتهى الأمر بمقتل 38 رهينة أجنبيا، كيف لدولة أن تكرر أخطاءها؟ كيف لدماء الأبرياء أن تصبح مجرد أرقام؟
بينما العالم يترقب، كانت مدريد تعمل في صمتها الخاص، تحقق، تبحث، تسعى لكشف الحقيقة وإنقاذ المواطن المختطف. أما الجزائر، فلا صوت ولا صورة، حتى البيان الرسمي الإسباني، الذي جاء محملا بالإشارة إلى “دولة شمال إفريقية”، كان يوحي بالخذلان. رسالة واضحة أن الضحية ليس وحده، لكن غيابه يكشف غياب دولة بأكملها عن مسؤولياتها.
إلى متى سيظل النظام صامتا؟ وإلى متى ستظل هذه الأرض شاهدة على اختطاف الأرواح والكرامة؟ ربما لن تجيب الجزائر، لكن العالم لن ينسى.