بعد الجدل الكبير الذي رافق الترخيص لرجل أعمال نافذ بعاصمة البوغاز طنجة، من أجل احتلال جزء من مساحة الملك العمومي البحري بشاطئ الغندوري، تفجرت فضيحة جديدة بوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، ويتعلق الأمر هذه المرة برخصة بناء مقهى ومطعم ومسبح بالملك العمومي البحري بمنطقة أشقار الساحلية.
ووصل جدل هذه التراخيص المثيرة، إلى حقوقيون وجمعيات المجتمع المدني، وذلك قصد البحث في حيثياتها، والنظر في مدى احترام القوانين التي تؤطر المجال، سيما في ظل الاتهامات الموجهة لمؤسسات رسمية ومسؤولين بالمحاباة وخرق القوانين التي تنظم المجال، مشيرين إلى أن مثل هذه الأشغال تشكل تشويها لواجهة المدينة.
وبالرغم من مبادرة وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء لمواجهة الاستغلال غير القانوني للملك العمومي البحري، أصدرت مذكرة تضع شروطا جديدة لتقنين عمليات الاستغلال وتقليص مدتها القانونية، ومراجعة كافة عقود الكراء الخاصة باستغلال الملك البحري، لا تزال الوزارة الوصية عاجزة عن وقف هذه الظاهرة التي تزداد استفحالا في بعض الشواطئ المغربية.
كما سجل المجلس الأعلى للحسابات، من خلال دراسة جدول الإتاوات المتعلقة بالاحتلال العمومي البحري، عجز الوزارة السالفة الذكر عن فرض احترام الشروط الواردة في قرارات الترخيص بالاحتلال المؤقت ودفاتر التحملات المتعلقة بها.
وسجل تقرير المجلس عدم احترام المقتضيات المنظمة للاحتلال المؤقت للملك العمومي البحري، وأكد أن العديد من الأشخاص المستفيدين من رخص استغلال الملك البحري لا يؤدون الإتاوات المستحقة، فضلا عن تجاوزهم المساحات المرخص لهم بها ولا يحترمون المقتضيات القانونية مما يسبب في استغلال مفرط لهذه الأملاك العمومية.
يذكر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعا أيضا إلى تحرير الملك العمومي البحري وأوصى بإعادة تهيئة السواحل، منبها إلى أن المناطق الساحلية تتعرض لأشكال متعددة من الضغط تتسبب في العديد من الظواهر المثيرة للقلق.
وحث المجلس، في رأي له بعنوان “أية دينامية عمرانية من أجل تهيئة مستدامة للساحل”، على تسوية وضعية المباني المقامة على الملك العمومي البحري أو في المنطقة المحاذية للساحل التي يمنع فيها البناء والبالغ عرضها مائة متر.
وأوصى المصدر ذاته بمراجعة الإطار القانوني الجاري به العمل حاليا المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة، والعمل على إعادة تهيئة السواحل بما يتوافق مع المقتضيات القانونية المتعلقة بالساحل.
واقترح المجلس العمل على ترتيب العقوبات القانونية المقررة في حق المخالفات الجسيمة التي تلحق الضرر بالساحل وبالحق في الولوج إلى شط البحر، بما في ذلك عبر القيام بعمليات لتحرير الملك العام.
وقال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن أشكال الضغط المتعددة التي تتعرض لها المناطق الساحلية تتسبب في العديد من الظواهر المثيرة للقلق، من قبيل التلوث، والمضاربة العقارية، والتوسع العمراني غير المتحكم فيه، موضحا أنها كلها عوامل تساهم في تدهور النظم البيئية الساحلية وتؤثر سلبا على جودة حياة الساكنة.
ودعا التقرير إلى تخويل الجماعات، “طبقا لمبادئ الديمقراطية المحلية واللاتمركز الإداري”، صلاحيات تقريرية في إعداد وتهيئة المجال الترابي الواقع ضمن نفوذها، والتخطيط الحضري، وإعداد وثائق التعمير.