أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الاثنين، أن تجويد منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، بالنظر لما تؤسس له من مؤشرات انتقالية على كافة المستويات، يعد مفتاحا رئيسيا للنهوض بوضعية الرأسمال البشري في كافة القطاعات.
وشدد أخنوش، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب حول موضوع “التعليم العالي”، على الحاجة المتزايدة لتعزيز الرأسمال البشري كمسألة حاسمة لنجاح مسارات التنمية بالمملكة، وتعزيز قدرة المواطنين على مواجهة المستقبل وتمكين المملكة من تقوية تنافسيتها، مع ما يستلزمه ذلك من ضرورة مراجعة مختلف الارتباكات التي عرفتها منظومة التربية والتكوين.
وسجل أنه، وبالنظر لكون الجامعة المغربية توجد في قلب الدينامية التنموية بالمملكة، فقد أولتها الحكومة عناية خاصة، من خلال مراجعة أهم التحديات التي تطرحها منظومة البحث العلمي والتكوين، وما يستلزمه ذلك من إعادة النظر في مختلف الجوانب التنظيمية والتأطيرية والبشرية المرتبطة بها.
وأبرز، في هذا السياق، أن الاستثمار الأمثل في اقتصاد المعرفة يعد اليوم أحد الأوراش التحولية للنهضة الوطنية، موضحا أن “الانتقال نحو مستقبل مشترك لا يمكن تحقيقه دون الارتكاز على أرضية صلبة تضمن مبادئ التمكين والإنصاف والابتكار، كالتزام سياسي وتنموي أمام جلالة الملك وخدمة لتطلعات المغاربة”.
وأضاف أن التحولات الكبرى والانتقالية التي يشهدها عالم اليوم دفعت الحكومة إلى تبني حس استباقي وتشخيص موضوعي لمختلف تداعياتها، وتعبئة الفرص الممكنة للتخفيف من المخاطر الناتجة عنها، وذلك من أجل التوجه نحو تحرير الطاقات، وتعزيز قدرات جل مكونات المجتمع المغربي.
وفي هذا الإطار، يتابع رئيس الحكومة، شكلت التوجيهات الملكية السامية، على الدوام، بوصلة واضحة الأهداف لاعتماد حكامة مؤسسية لقضايا التربية والتكوين، عبر دعوة جلالته كافة الفاعلين المعنيين بقطاع التعليم إلى تجويد السياسات والبرامج المعتمدة، وتوفير خدمات ذات جودة لفائدة الشباب، لتعزيز مسارات التمكين الدراسي والبحث العلمي والابتكار، وضمان الالتقائية المطلوبة بين إشكالية التشغيل وتأهيل الرأسمال البشري.
ولفت إلى أن هذه الرؤية الملكية السديدة تحدد طريق عمل الحكومة، لاسيما في ما يتعلق باسترجاع جاذبية النظام التعليمي وجعله النواة الصلبة للنهوض بواقع الشباب وتقليص نسب البطالة وتعزيز الاندماج في سوق الشغل، بما ينسجم مع أهداف الرؤية الاستراتيجية المحددة في مضامين القانون الإطار 51.17.
وقال إن العديد من مظاهر المحدودية لاتزال تحيط بالمؤسسات الجامعية الوطنية المرتبطة، أساسا، بمستوى المردودية ونقص الموارد البشرية، ناهيك عن بعض التحديات الاستراتيجية والتنظيمية.
وأشار، في هذا الصدد، إلى بلوغ نسبة الهدر الجامعي بدون الحصول على دبلوم في السنوات الماضية ما يقارب 49 في المائة، وارتفاع نسبة البطالة في صفوف خريجي الجامعة بنسبة 18,7 في المائة في نظام الاستقطاب المفتوح (8,5 في المائة في الاستقطاب المغلق)، وتسجيل نسبة التأطير البيداغوجي أقل من المؤشرات المتعارف عليها عالميا بمعدل أستاذ واحد لحوالي 120 طالب في كليات الاستقطاب المفتوح.
كما تطرق إلى تدني فاعلية الكليات متعددة التخصصات كنموذج منتقد دوليا، بحيث أوصى المجلس الأعلى للتربية والتكوين بضرورة مراجعته، وتحدي إحالة 2200 من أجود الأطر التدريسية في أفق 2026 إلى التقاعد، وانغلاق المنظومة وعدم تماشيها مع أولويات التنمية على المستويين الجهوي والوطني، بالإضافة إلى تدني جودة البحث العلمي، سواء من حيث ضعف الميزانية المخصصة له (1,6 في المائة من الميزانية العامة خلال سنتي 2021 و2022) أو من حيث عدد الباحثين الذي لا يتجاوز 1708 باحثين لكل مليون نسمة (مقابل 2916 باحث لكل مليون نسمة بالبرازيل، على سبيل المثال).
وخلص السيد أخنوش إلى أن الحكومة ستعمل على معالجة هذه الإشكاليات ضمن مضامين التصور الاستراتيجي الذي أعدته خلال سنتها الأولى، والذي سيحدد الخطوات اللازمة لبناء جامعة مغربية دامجة ومنسجمة مع الإصلاحات الوطنية.